159

شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

شرح العقيدة الواسطية لخالد المصلح

Türler

نشر الصحف قال ﵀: [وتنشر الدواوين] تنشر أي: تفرق، فالنشر أصله التفريق، والدواوين جمع ديوان، وما هو الديوان؟ الديوان في الأصل هو السجل الذي يكتب فيه، والمراد به: الكتاب الذي في أيدي الحفظة، فإنه ينشر يوم القيامة ويؤتى به، قال الله جل وعلا: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ﴾ [ق:١٧-١٨]، يسجل، وقال ﷾: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ * كِرَامًا كَاتِبِينَ﴾ [الانفطار:١٠-١١]، يكتبون العمل، وقال جل وعلا: ﴿هَذَا كِتَابُنَا يَنطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنسِخُ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ [الجاثية:٢٩]، فدل ذلك على أن عمل الإنسان وما يكون منه مكتوب مسجل، وهذا المكتوب المسجل ينشر. قال المؤلف ﵀: [وتنشر الدواوين وهي صحائف الأعمال، والناس في هذا الموقف بين مسرور ومثبور، فآخذ كتابه بيمينه -وهذا هو المسرور نسأل الله أن نكون منهم- وآخذ كتابه بشماله أو من وراء ظهره -وهذا هو المثبور نعوذ بالله من الخسران-] . كما قال الله تعالى: ﴿وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ﴾ [الإسراء:١٣]، طائره يعني: عمله؛ لأن العمل به يعلو الإنسان، وبه يهوي وينزل، قال النبي ﷺ (إن الله يرفع بهذا الكتاب أقوامًا ويضع به آخرين) وقيل: إن الطائر هو القرطاس، وكان يستعمله العرب في ضربهم للأزلام، والمراد واضح: أنه يلزم ما كان منه من عمل، ﴿أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ﴾ [الإسراء:١٣]، وأين يلزم؟ ﴿فِي عُنُقِهِ﴾ [الإسراء:١٣]، وهذا دليل على شدة الملازمة وقربها، وعدم التمكن من الانفكاك منها، فما كان في الرقبة لا سبيل للتخلص منه. ﴿وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا﴾ [الإسراء:١٣]، وهذا الكتاب ما هو؟ هو كتابه الذي كان يرصد فيه عمله، ويسجل فيه ما يكون منه، ﴿يَلْقَاهُ مَنشُورًا﴾ [الإسراء:١٣]، أي: مبسوطًا مفرقًا واضحًا. ﴿اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا﴾ [الإسراء:١٤]، فيؤمر بقراءة كتابه، ويقال له: نكتفي من حسابك بمحاسبتك لنفسك، فيكون الإنسان على نفسه حسيبًا يوم القيامة.

18 / 7