حرف عطف، وليس في الحقيقة كذلك، ألا ترى أنّ هذه الأمثلة إنّما صيغت
لتدلّ على ضروب الزّمان، ولولا ذلك لأغنت ألفاظ الأحداث عنها، يدلّك على ذلك أنّها بنيت على أقسام الزّمان، فكما كان الزّمان على أنحاء ثلاثةٍ عندهم، كذلك كانت هذه الأمثلة التي صيغت من ألفاظ الأحداث، ويدلك على ذلك في الأمثلة، وخلعوا منه دلالة الحدث، وذلك في الأمثلة الداخلة على الابتداء والخبر، فمن ثمّ لزمتها الأخبارُ، وكان الكلامُ غيرَ مستقلّ بهذه الأمثلة مع الفاعل، لتوازى هذه الجملة ُ، بلزوم هذه الخبر لها، الأمثلة التي لم يخلع عنها دلالة الحدث. ألا ترى أنّها لو لم تلزمها الأخبار، لا نتقصت عنها، ولم توازها. فكان تجريدهم هذه الأمثلة للأزمنة، وخلعهم دلالة الحدث عنها، كتجريدهم من بعض الكلم، الخطاب، وخلعهم معنى الاسم عنه، وذلك قولهم: ذلك، وأولئك، وأنت، فكما أنّ الغالب والأعمّ في هذا، معنى الحرف، بدلالة بنائهم [لها] قبل خلع معنى الاسم عنه، كذلك نعلم أنّ الغالب والأعمّ في هذه الأمثلة، إنّما هو دلالة الزّمان، فمن ثمّ جاز أن يخلع عنها معنى الحدث، فتتجّرد دلالتها على الزّمان.
ويدّلك على ذلك، أنّه ليس مثال من هذه الأمثلة، التي تنزعُ عنها دلالتها على الحدث، إلا وجائز فيه أن لا ينزع ذلك عنه، فيستقل بفاعله استقلال سائر الأمثلة بفاعليها.
فالأصل الثابت في هذه الأمثلة، هو ما ى ينفك من دلالتها عليه، ومن ثمّ جاءت المصادر المشتقّة منها هذه الأمثلة، دالّةً على الحدث، دون الزّمان، ألا ترى أنّ الكون
1 / 8