شَمُّ العَوارِضِ في ذمِّ الرُّوَافِضِ تصنيف: الملا علي بن سلطان القاري (وفاته سنة ١٠١٤هـ) تقديم وتحقيق: د. مجيد الخليفة

Bilinmeyen sayfa

بسم الله الرحمن الرحيم

1 / 4

مقدمة المحقق الحمد لله رب العالمين، نحمده حمد الشاكرين، ونستغفره استغفار المذنبين، ونصلي ونسلم على خير الخلق نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد: فهذه رسالة لطيفة في موضوع مهم من مواضيع العقيدة، ألا وهو موضوع حكم سب السلف الصالح عند بعض طوائف الشيعة الإمامية، وكان هذا الأمر قد انتشر في خراسان بين كثيرٍ من العوام أبان ظهور الدولة الصفوية في بداية القرن العاشر الهجري (١)، فقام الملا علي بن سلطان القاري بتأليف هذه الرسالة وسماها (شم العوارض في ذم الروافض)، وكان السبب في ذلك هو النقاش الذي دار بينه وبين أحد علماء عصره حول الحكم الشرعي لمن سب صحابيًا، فكان القاري يعتقد أنه كافر بالدليل الظني - على طريقة الحنفية في الأصول - وكان صاحبه يعتقد بكفره بالدليل القطعي، فكانت بين الرجلين جفوة أشار إليها القاري في صدر رسالته حيث قال: «فترك صحبتنا واختار غيبتنا وعتبنا» (٢). _________ (١) مؤسس هذه الدولة هو صفي الدين الأردبيلي، بدأت دعوته صوفية، فالتف حوله كثيرٌ من المريدين، ثم خلفه ابنه صدر الدين موسى الذي تبنى عقيدة الشيعة الإمامية واتخذها سلمًا للوصول إلى قلوب القبائل الإيرانية، وقد ساعدت الظروف السيئة على نشوء هذه الدولة في إيران. د. أحمد خولي، الدولة الصفوية: ص ٤ وما بعدها. (٢) شم العوارض: ١/ب.

1 / 5

والقاري وإن كان قد عرض هذا الموضوع على مذهب الحنفية الفقهي وطريقتهم في استنباط الحكم الشرعي، إلا أن هذه الرسالة جاءت غنية بمادتها فريدة في بابها، نظرًا لما في مسألة التكفير من تردد بين العلماء، فلا يقولون به إلا عند المسلمات والمهمات من أمور الدين. ولابد في البدء أن نعرف بالمؤلف ثم نسبة وتوثيق المخطوط مع بيان ملاحظاتنا عليها، وأخيرًا المنهج الذي سنسير عليه في تحقيق هذه الرسالة. الملا علي القاري: هو علي بن سلطان محمد القاري (١)، نور الدين الملا الهروي الحنفي، ولد بهراة وتلقى العلم على يد عدد من علمائها وعلماء خراسان منهم: أبو الحسن البكري، والأيجي الصفوي والحفيد التفتازاني وغيرهم (٢). نال الملا علي القاري ثناء عدد من العلماء نظرًا لسعة مؤلفاته وتنوعها ما بين الفقه والحديث والأصول والعقائد، قال العصامي: «الجامع للعلوم النقلية والعقلية والمتضلع من السنة النبوية ...» ثم قال: «لكنه امتحن بالاعتراض على الأئمة لا سيما الشافعي وأصحابه، واعترض على الإمام مالك في إرسال يديه» (٣)، ولكن اعتراضه على بعض أصحاب الشافعي أو مالك لا يؤاخذ عليه إن كان يندرج تحت باب الفتوى والاجتهاد. _________ (١) كذا يذكره المؤلف في صدر هذه الرسالة (وهي بخطه ﵀، وقيل: علي بن سلطان بن محمد، وعليه أكثر المصادر. أما نسبته فهي إلى (قار) قرية بالري. معجم البلدان: ٤/ ٢٩٥. (٢) شم العوارض: ٦/أ. (٣) الشوكاني، البدر الطالع: ١/ ٤٤٥.

1 / 6

أما فيما يخص عقيدة الملا علي القاري، فهو في عداد الماتريدية، وإن كان كثيرًا ما يثني على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم، قال ...: «لقد دافع القاري - جزاه الله خيرًا - دفاعًا كاملًا عن شيخ الإسلام وابن القيم، ورد من رماهما بسوء الاعتقاد والتجسيم والتشبيه والضلال، وأقر عقيدة السلف في الصفات، وأنها لا تستلزم التشبيه كما دافع عن أهل الحديث ورد من يطعن عليهم بالتشبيه والحشو» (١)، ولكن مؤلفات القاري لم تكن لتخلو مما يعارض عقيدة السلف، مثل قوله في الرسالة التي نحن بصددها - في معرض كلامه على عقيدته -: «لا عَينَ ولا غَير في تحقيق صفَاتِ الذاتِ» (٢)، ويبدو أن القاري لم يسلم من تأثيرات عصره، خاصة وأنه قد عاش في عصر الدولة العثمانية ذات العقيدة الماتريدية، وصاحبة الفروع الفقهية الحنفية (٣). من المرجح أن عدم الاستقرار الذي شهدته خراسان خلال الحروب التوسعية للدولة الصفوية، قد دفع القاري إلى الخروج من هذه الديار وسكن الديار المقدسة في مكة المكرمة، حيث ألف هذه الرسالة، وقال في توثيق ذلك: «وَالحمدُ لله عَلى مَا أعطاني مِنْ التوفيق وَالقدرَة عَلى الهجرة مِنْ دَار البدعة إلى خير ديار السّنة، التي هِي مُهِبط الوحي وظهِور النبوة ...» (٤)، حيث ألف هذه الرسالة قبيل وفاته ببضع سنوات (٥)، حيث توفى سنة ١٠١٤هـ (٦). _________ (١) الماتريدية وموقفهم من الأسماء والصفات: ١/ ٤٩٤ نقلًا عن الموسوعة الميسرة: ٢/ ١٧١٤. (٢) شم العوارض: ١٣/أ. (٣) الموسوعة الميسرة: ٢/ ١٧١٣. (٤) شم العوارض: ٨/أ. (٥) المصدر نفسه: ١٦/ب. (٦) الشوكاني، البدر الطالع: ١/ ٤٤٥؛ المحبي، خلاصة الأثر: ٣/ ١٨٥؛ إسماعيل باشا، هدية العارفين: ١/ ٧٥١؛ الزركلي، الأعلام: ٣/ ١٨٥؛ معجم المؤلفين: ٧/ ١٠٠.

1 / 7