209

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Yayıncı

دار القمة

Baskı Numarası

-

Yayın Yeri

الإسكندرية

Türler

مما أفاض الله- ﵎ على نبيه ﷺ من النعم العظيمة المتوالية والآلاء الجسيمة المتتابعة- ليرضيه كما وعده- ﵎ في الدنيا والآخرة- والتي يغبطه عليها الأنبياء والمرسلون والخلق كلهم أجمعون: نعمة الكوثر، الذي لا يعلم جمال منظره وصفاء لونه وحلاوة طعمه وكثرة أكوابه وعظم اتساعه إلا الله- ﵎، وإذا كانت أقصى أماني الخلق يوم القيامة هو عفو الله وصفحه ومقعد في الجنة، فإن الله- ﵎ لم يضمن لنبيه ﷺ ذلك فحسب، بل أعطاه الدرجة العالية الرفيعة في الجنة والشفاعة العظمى والكوثر، وهي كلها عطايا لا تنبغي إلا له ﷺ، قال الشيخ السعدي ﵀: (يقول الله تعالى لنبيه محمد ﷺ: إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ أي: الخير الكثير والفضل الغزير الذي من جملته ما يعطيه الله لنبيه ﷺ من النهر الذي يقال له: الكوثر ومن الحوض طوله شهر وعرضه شهر، ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل، آنيته عدد نجوم السماء في كثرتها واستنارتها، من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا) «١» . بعض فوائد الحديث: الفائدة الأولى: حب الله- ﷾ لنبيه ﷺ (وهي فائدة مشتركة في جميع نعم الله على خير عباده ﷺ وتظهر صور هذا الحب من تنوع عطاياه- ﷾ لنبيه ﷺ يوم القيامة أبلغ تنويع، فقد رفع شأنه عند الخلق كلهم جميعا بسؤاله الشفاعة، ورفع قدره ومكانه في الجنة فجعل له الوسيلة، ورفع شأن زيارته والورود عليه فقصده المؤمنون طمعا في الشراب الهنيء والطعم اللذيذ والكفاية من الظمأ أبد الآبدين. وصدق من قال: وأنت حقّا حبيب باريكا ... يا صاحب الحوض من يدانيكا الفائدة الثانية: بلغت عناية الله- ﷾ بحوض نبيه ﷺ أتم العناية وأكملها فقد روى البخاري في صحيحه عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو: قال النّبيّ ﷺ: «حوضي مسيرة شهر، ماؤه أبيض من اللّبن، وريحه أطيب من المسك، وكيزانه كنجوم السّماء من شرب منها فلا يظمأ أبدا» «٢» . وعند مسلم عن ابن أبي مليكة قال: قال عبد الله بن عمرو بن العاص: قال

(١) انظر «تيسير الكريم الرحمن»، (٩٣٥) . (٢) البخاري، كتاب: الرقاق، باب: في الحوض، برقم (٦٥٧٩) .

1 / 215