128

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

شمائل الرسول صلى الله عليه وآله وسلم

Yayıncı

دار القمة

Baskı Numarası

-

Yayın Yeri

الإسكندرية

Türler

الاختيار الإلهي لحجر يسلم على النبي ﷺ كان لهذه الحكمة البالغة، وهي أن يعلم النبيّ ﷺ قبل البعثة- بقدرة الله ﷾ التي لا يمكن أن يتصورها البشر، ويوقن النبي ﷺ أن الله على كل شيء قدير. قال الإمام النووي- ﵀ في شرح الحديث ما نصه: (وفي هذا إثبات التمييز في بعض الجمادات وهو موافق لقوله تعالى في الحجارة: وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ [البقرة: ٧٤] . وقوله تعالى: تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كانَ حَلِيمًا غَفُورًا [الإسراء: ٤٤] وفي تفسير هذه الآية خلاف مشهور، والصحيح أنه يسبح حقيقة ويجعل الله تعالى فيه تمييزا بحسبه، ومنه الحجر الذي فرّ بثوب موسى ﷺ، وكلام الذراع المسمومة، ومشي إحدى الشجرتين إلى الآخرى حين دعاهما النبي ﷺ وأشباه ذلك) . انتهى كلامه- ﵀ «١» . وإن تعجب أخي القارئ من حجر يسلم على النبي ﷺ فالعجب أن جذع شجرة يئن كالطفل الرضيع من فراق النبي ﷺ كما بينت في باب- حنين جذع الشجرة. ١٠- رؤيته جبريل على هيئته: عن مسروق قال: كنت متّكئا عند عائشة فقالت: يا أبا عائشة ثلاث من تكلّم بواحدة منهنّ فقد أعظم على الله الفرية قلت ما هنّ قالت: من زعم أنّ محمّدا ﷺ رأى ربّه فقد أعظم على الله الفرية قال: وكنت متّكئا فجلست فقلت: يا أمّ المؤمنين أنظريني ولا تعجليني ألم يقل الله ﷿: وَلَقَدْ رَآهُ بِالْأُفُقِ الْمُبِينِ [التكوير: ٢٣] وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى [النجم: ١٣] فقالت: أنا أوّل هذه الأمّة سأل عن ذلك رسول الله ﷺ فقال: «إنّما هو جبريل لم أره على صورته الّتي خلق عليها غير هاتين المرّتين رأيته منهبطا من السّماء سادّا عظم خلقه ما بين السّماء إلى الأرض» . فقالت: أو لم تسمع أنّ الله يقول: لا تُدْرِكُهُ الْأَبْصارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الْأَبْصارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ [الأنعام: ١٠٣] أو لم تسمع أنّ الله يقول: وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ [الشورى: ٥١] «٢» .

(١) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (١٥/ ٣٧) . (٢) رواه مسلم، كتاب الإيمان، باب: معنى قول الله ﷿: وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرى، برقم (١٧٧) .

1 / 133