كذلك كانت حال «فرانسي»، اقتطعت منها الأيام بعض أغصانها، ولكنها أكسبت من ذلك مزيدا من القدرة والقوة، وها هي ذي تشق أيضا طريقا جديدة إلى سماء حرة، في أفق جديد. «ولكن الشجرة التي أقام السكان الجدد حولها نارا في فناء الدار، محاولين أن يحرقوا جذعها قد عاشت!
أجل عاشت ...
وما من شيء يستطيع أن يقضي عليها!
ثم عادت «فرانسي» فنظرت إلى الفتاة الصغيرة التي تقرأ وهي جالسة على سلم الحريق، وهمست: وداعا ... يا «فرانسي»!» ... ومضت طارحة وراء ظهرها صفحات من حياتها وحياة أسرتها في «بروكلين»، لتتطلع إلى صفحات جديدة لن تلبث أن تطالعها في موطنها الجديد «ميتشيجان»!
وهكذا تلتقي صورة حياة المؤلفة في الواقع بصورة بطلتها في القصة؛ لتقولا لنا معا، في هذا العمل الفني المؤثر الصادق الجميل: إن حياة الإنسان لا تقتلها الصعاب، بل تقويها حرارة الكفاح! «وما من شيء يستطيع أن يقضي عليها.»
إنها ليست شجرة تنمو في «بروكلين» دون غيرها من الأماكن ... كلا! فإن وراء صورتها المحلية المحدودة، إحساسا أعمق وأشمل، يشعر به القارئ في كل مكان في الأرض؛ إنها شجرة تنمو بشجاعة وإصرار، في أي ركن يعيش فيه إنسان!
وهذا هو سر جمالها الفني الإنساني الرفيع!
مقدمة المؤلفة
حين يصبح الشخص المغمور بين عشية وضحاها شخصية معروفة، فإن الناس ينسجون أحيانا حكايات عن السنين المجهولة من حياته، وكان هذا شأني؛ إذ يروى أنه كانت لي عادة مفزعة، فقد درجت على السير في شوارع القرية المظلمة في منتصف كل ليلة، يرافقني كلب أسود كبير كالشبح، ويقولون إنني كنت على هذا النحو أستوحي الإلهام في كتابة روايتي «شجرة تنمو في بروكلين».
وكنت أسير حقا وسط القرية في منتصف كل ليلة ومعي كلب أسود، ولكني لم أكن أبغي من ذلك إلا أن أصل إلى مكتب البريد لأرى هل هناك رسالة في البريد الأخير، وكان الكلب، وهو كلب صيد لطيف من نوع اللابرادوري، صديقا لي، ينتظرني عند المنعطف كل ليلة؛ لأنه كان يستمتع بالمسير في صحبتي إلى المدينة.
Bilinmeyen sayfa