وأصرت فرانسي على سؤالها، تريد من أمها أن تكذب، وقالت: ولكن أتظنين أنني حسنة المنظر مثل نيلي؟ - اسمعي يا فرانسي، أنا أعرف أنك تهدفين إلى شيء بطريقة ملتوية، ولقد برح بي التعب، حتى لا أستطيع أن أدرك ما ترمين إليه، فاصبري قليلا حتى أضع الطفل، إني أحبك أنت ونيلي، وأعتقد أنكما طفلان قد بلغتما من حسن المنظر ما يروق في عين الناس، ولا تحاولي إزعاجي.
وشعرت فرانسي بالندم فجأة، واعتصرت الشفقة قلبها وهي ترى أمها التي توشك أن تضع طفلها تزحف بمشقة على يديها وركبتيها، فركعت بجوار أمها. - انهضي يا أمي ودعيني أفرغ من تنظيف هذه القاعة، إن لدي وقتا كافيا.
وغمست يدها في دلو الماء، وصاحت كاتي في شدة: لا!
وأخرجت يد فرانسي من الماء، وجففتها في «مريلتها» وقالت: لا تضعي يديك في ذلك الماء، إنه يحتوي على الصودا والمحلول القلوي، انظري ماذا فعل بيدي؟
ومدت لها يديها الجميلتين ولكنهما كانتا مقروحتين من أثر العمل. - إني لا أريد أن تصبح يداك مثل يدي، وإنما أريد أن تكون يداك جميلتين دائما، ثم إنني كدت أنتهي. - إذا لم أستطع أن أساعدك فهل لي أن أجلس على السلم وأراقبك؟ - إذا لم يكن لديك عمل آخر أفضل من ذلك.
وجلست فرانسي تراقب أمها، وشعرت براحة كبرى وهي ماثلة أمامها، مدركة أن أمها ما زالت على قيد الحياة قريبة منها، بل شعرت بأن صوت مسح الأرض كان له وقع يطمئن قلبها ويرضيه، ومضت الفرشاة تخشخش، وخرقة المسح تطرقع، وهكذا انبعثت أصوات الفرشاة والخرقة، وزاد عليها صوتان آخران وأمها تغمسهما في الدلو، بل أخذت الدلو تحدث صوتا غير هذه الأصوات جميعا حين كانت أمها تنقلها من مكان إلى مكان. - أليس لك صديقات من البنات تتحدثين إليهن يا فرانسي؟ - لا، إني أكره النساء. - إن ذلك ليس طبيعيا، فإن من الخير لك أن تتجاذبي أطراف الحديث مع بنات من سنك. - هل لك صديقات من النساء يا أمي؟
وقالت كاتي: لا ، إني أكره النساء. - أرأيت؟ إنك مثلي سواء بسواء . - ولكن كانت لي صديقة ذات يوم وظفرت بأبيك عن طريقها، هكذا ترين أن الصديقة تسعفك في بعض الأحيان.
كانت تتكلم مازحة، لكن فرشاة المسح بدت كأنما تقرقع في يدها قائلة: «أنت تمضين في طريقك، وأنا أمضي في طريقي.» وسعت جاهدة أن ترد الدموع إلى عينيها وواصلت كلامها: نعم، أنت في حاجة إلى الصديقات، إنك لا تكلمين أحدا سوى نيلي وأنا، وتقرئين كتبك وتكتبين قصصك. - لقد هجرت الكتابة.
وعرفت كاتي حينئذ أن ما كان يشغل تفكير فرانسي شيء يتصل بموضوعات الإنشاء، وسألتها: هل نلت درجة سيئة على موضوعك اليوم؟
وكذبت فرانسي، وقد ذهلت كشأنها دائما حين يصح تخمين أمها، وقالت: لا، أظن أن الوقت قد حان لأذهب إلى ماكجريتي.
Bilinmeyen sayfa