ورأت عربات الأسر الرصينة تجرها أزواج من الجياد، يبدو أنها يعتمد بعضها على البعض، ولم تستهو هذه العربات فرانسي كثيرا؛ لأن كل متعهد لنقل الموتى في ويليمسبرج لديه مجموعة منها.
وأحبت فرانسي العربات الأنيقة أكثر ما أحبت، فقد كانت تبدو رائعة بعجلتيها الوحيدتين فحسب، وذلك الباب المضحك الذي يغلق من تلقاء نفسه حين يتكئ الراكب بظهره على المقعد! (وظنت فرانسي لسذاجتها أن الأبواب صنعت لتحمي الركاب من روث الجياد المتناثر في الجو)، وقالت فرانسي بينها وبين نفسها لو أنها كانت رجلا لاشتغلت بقيادة عربة من تلك العربات، ألا ما أروع أن تجلس في ذلك المقعد المرتفع، وتحت يدها غمد وضع فيه سوط متحفز! وما أروع أن تلبس مثل هذا المعطف العظيم ذا الأزرار الكثيرة، والبنيقة المخملية، والقبعة العالية المنضغطة المزينة بشريط حولها! وما أروع أن تطوي فوق ركبتيها مثل هذا الغطاء الفاخر المنظر! وراحت فرانسي تقلد صيحة السائق بصوت خافت: عربة يا سيدي؟ عربة؟
وقال جوني وقد شرد في حلمه بالديمقراطية: إن أي شخص يستطيع أن يركب عربة من هذه العربات الأنيقة إذا توافر لديه المال، وهكذا ترين أي بلد حر نعيش فيه هنا!
وسألت فرانسي: أي حرية فيه ما دام الأمر يقتضيك الدفع؟ - إنه حر على هذا النحو، إذا كان لديك النقود فإنه يسمح لك بالركوب فيها بصرف النظر عمن تكونين، أما في أوطاننا القديمة فقد كان لا يسمح لبعض الناس أن يركبوها، وإن توافر لهم المال.
وقالت فرانسي في إصرار: ألم يكن هذا البلد خليقا بأن يكون أكثر حرية لو استطعنا أن نركب العربات بلا مقابل؟ - لا! - لماذا؟
واختتم جوني في انتصار: لأن ذلك معناه شيوعية، ونحن لا نريدها هنا. - لماذا؟
وجسم جوني الرأي قائلا: لأننا نسير على الديمقراطية، وهي خير نظام يمكن أن يكون.
وكانت هناك شائعات تقول إن محافظ مدينة نيويورك المقبل سوف يأتي من شارع بوشويك في بروكلين، وأثارت الفكرة جوني وقال لفرانسي: انظري إلى أعلى وإلى أسفل هذا البناء يا فرانسي، وأشيري لي أين يسكن محافظ المستقبل.
ونظرت فرانسي ثم أطرقت برأسها، وقالت: أنا لا أعرف يا أبي!
وأعلن جوني كأنه ينفخ في النفير: إنه هناك! إن ذلك المنزل القائم هناك سوف يكون له في يوم ما عمودان عليهما مصباحان في أسفل الظلة.
Bilinmeyen sayfa