ونهض فنهض الآخر. تصافح الاثنان كما يتصافح متباريان عقب مباراة عادلة. وانتبها إلى الزوجين فجعلا ينظران إليهما ببلادة وبرود. وحل صمت ثقيل كالاختناق. ثم خرج الشاب من ذهوله فأشار إلى الرجل الجديد وسأل ابن المدبرة: من هذا؟ - صديق! - أكان موجودا معك من قبل؟ - نعم. - هل علمت أمك بوجوده؟ - كلا. - وكيف تدعوه إلى شقة آخرين؟ - دعوته لأني لا أحب الوحدة، ولنواصل تدريبنا ... - أأنت رجل عاقل؟ - نحن نتصارع في الموالد، ولا غنى لنا عن التدريب المستمر. - لعلك توهمت أنك صاحب الشقة! - أنا لا أحب الإقامة في البيوت!
فقالت الفتاة: إذن غادر بيتنا مصحوبا بالسلامة! - قالت لي ابق حتى أرجع ...
فقال الشاب: نحن على استعداد للذهاب، فلم أغلقت الباب بالمفتاح؟ - حتى ترجع أمي من المولد. - ولكننا نريد أن نذهب. - إلى أين؟ - يا له من سؤال! ألسنا أحرارا؟! - من أدراني أنكما صاحبا الشقة الحقيقيان؟ - أيداخلك شك في ذلك؟ - يجب أن تبقيا معنا حتى ترجع أمي من مولد السيد.
فعض الشاب على أسنانه من الغيظ وقال: على الأقل يجب أن تلتزم بالنظام!
فأشار الرجل الغليظ إلى زميله قائلا: أراد أن يجرب قوته معي، وقد رأيت النتيجة بنفسك! - حسبكما ما كان من ضجيج وتخريب. - لن يأتيك من ناحيتنا بعد ذلك إلا الطرب! - أريد الهدوء الشامل الكامل ... - ألا تحب الغناء والرقص؟ - الغناء والرقص! - معنا في المطبخ راقصة وبعض أفراد الجوقة!
فصاح الزوجان معا: ماذا تقول؟! - إنهم من الزملاء الموثوق بهم ... - لقد جعلت من الشقة ساحة مولد! - لم تعقدان الأمور بلا سبب؟ - كل ذلك وتقول بلا سبب؟! - ما كنت أتصور وجود ناس يكرهون الناس والطرب بهذه القوة!
ورفع منكبيه العريضين استهانة، ثم تأبط ذراع صاحبه، ومضى به إلى الداخل. وجعلا يتبادلان النظر في غضب ويأس حتى ترامى إليهما دق دف وعزف مزمار وإيقاع رقص، وما لبثت الحناجر الخشنة أن غنت بغرابة:
يا زرمباحه يا زرمباحه
خواتمك ستة وقداحه
هتفت الفتاة: سأجن إن لم أكن جننت بالفعل.
Bilinmeyen sayfa