İslam Dünyasında Ünlü Kadınlar
شهيرات النساء في العالم الإسلامي
Türler
كانت الظاهرة محاطة بالحدائق الغناء والبساتين الزاهرة والأحواض الجميلة، وبها من دواعي الأنس وموجبات السرور ما يشهد لمنسقها بالذوق، وكم شهدت هذه المدينة من ولائم المنصور واحتفالاته العظيمة، تلك الأعراس التي بهرت أنظار الأندلسيين وأوقعتهم في دهشة من مظاهر تلك الرفاهة!
هل كان المنصور، وقد وصل إلى هذه المكانة وارتفع إلى تلك الغاية التي ليست وراءها غاية يحب صبيحة وهو في حالته هذه؟ أم أن ما يجيش بصدره من الإحساس لها هو أثر من آثار الشكر والامتنان لحسن صنيعها معه؟
كانت الأميرة صبيحة تحبه وتقدس ذاته إلى درجة الهيام، ولكن هل كان لشعورها هذا رجع صدى؟ وهل كان محمد المنصور يخصها بمحبة تكافئ هذا الحب؟
إنني استنادا على أعماله وعلى ما أظهره بعد تمكنه من إدارة الأندلس أقول: إنه لا يحبها! وإنما كان يحترمها ويظهر لها دلائل المودة والاعتبار؛ لأنها سبب نعمته ومنشأ رقيه وإليها يرجع الفضل في السعادة التي يرفل في بحبوحتها الآن.
قد ظهر الآن أمامها بثوبه الحقيقي وأصبح يأنف من رؤية يدها - تلك اليد التي طالما قبلها بإعزاز وتقديس - تشترك معه في الحكم منذ أصبح يشعر بأنه في غنى عن حياتها، نعم كان يتوق إلى رؤية الأوامر غفلا من اسمها ليس عليها إلا كلمة المنصور، غير أنه لم يستطع أن يرفع لواء عصيانه دفعة واحدة، فظل محافظا على سابق مودته لها، يكلمها بلسانه العذب ويعاملها بلطفه المعهود ولا يقصر في أمر يكون فيه راحتها، وهو هو في كل أطواره وحركاته التابع الأمين والخادم المخلص للعرش والخلافة.
عرضت عليه ذات يوم جارية ليشتريها، وكان نخاسها قد لقنها بعض أبيات وأمرها بإنشادها بين يديه.
دخلت الجارية قصر المنصور، وهناك في حضرته أمام جمع حافل من جلسائه غنت تلك الأبيات بصوت رخيم، فاسترعت الأغنية مسامعه وأخذ يصغي إليها باهتمام زائد وهو يرتجف من غضبه، وما كادت تتم الإنشاد حتى هجم عليها شاهرا سيفه وألقاها على الأرض تتضرج بدمائها.
2
لماذا؟ لأن الجارية نطقت بأبيات مضمونها التلميح بعلاقته مع صبيحة، فلم يحتمل أن يرى اسم الأميرة مضغة في أفواه الناس فأنزل العقاب بمن تجرأ على تلويث ذلك الاسم أمامه، وأمر بجمع وإحراق ما قيل في حقها من الهجاء ومجازاة قائليها بشدة دلت على مكانة الأميرة من نفسه.
كان لا يشغل باله في هذه الفترة إلا أمر واحد أقلقه غاية القلق، هو استكانة المصحفي وظهوره بمظهر الضعف، أراد أن يتخلص منه؛ لأن حاجب البلاد ترك مصالح الأمة ليلتفت إلى مصالحه الشخصية، وكان المنصور يظهر هذا الأمر لصبيحة ويشير إليه من طرف خفي، وكانت هي كلما أمعنت النظر في أحوال المصحفي ازدادت وثوقا بصدق أقوال المنصور الذي كان يجتهد بإعلاء شخص آخر بنسبة اجتهاده في إسقاط الحاجب، هذا الشخص هو القائد غالب، وقد تمكن أخيرا بمعونة المنصور وحسن وصايته أن ينال رتبة الوزارتين.
Bilinmeyen sayfa