ودخل فراش بالكوكا والقهوة، ثم قال عثمان: مضت أعوام وأعوام، اليوم بسنة في قرفه، والسنة بيوم في تفاهتها، ولكن لا تنتظر أن أتحدث عن حياة السجن. - مفهوم ... آسف ... ولكن متى خرجت؟ - منذ أسبوعين. - وكيف لم تحضر إلا اليوم؟ - سافرت من فوري إلى القرية، وكنت مريضا بالأنفلونزا، ولما شفيت رجعت إلى القاهرة.
لا فائدة من الهرب إلى الأحاديث الجانبية، وإحساسك بالذنب يزداد حدة. - كم عذبنا أننا لم نستطع زيارتك!
فقال عثمان بوجه لا ينبئ عن شيء: كان سيقبض على أي زائر من غير الأهل. - وكم وددنا لو كان في الإمكان أن نطمئن عليك. - الحق أننا عوملنا معاملة سيئة جدا أول الأمر، ولكنها تغيرت بطبيعة الحال بعد قيام الثورة.
فتقلص وجه عمر إعرابا عن أسفه، فاستطرد الآخر: ولكن ثبت لي أنه إذا قذف بنا إلى الجحيم، فإننا حتما سنعتاده ونألف الزبانية.
وأذعن عمر لإحساسه بالذنب، فاعترف قائلا: العدل كان يقضي بأن نذهب معك إلى السجن.
فقال بسخرية: القانون هو الذي أدخلني السجن، لا العدل.
فتمتم عمر بخشوع: على أي حال فنحن مدينون لك بحريتنا، وربما بحياتنا. - أليس ذلك ما كنت تفعله لو ألقي القبض عليك أنت، وكنت أنا من الهاربين؟
فلم ينبس عمر بكلمة حياء وارتباكا، واستطرد عثمان بمرارة: وها أنا في الدنيا من جديد، وفي منتصف الحلقة الخامسة.
فقال عمر معزيا: ما زلت شابا، وأمامك حياة طويلة وعريضة. - وورائي تجربة أمر من اليأس.
فقال عمر بحزن: قد عشناها خارج الأسوار، ولكن يخيل إلي أننا لم نفعل شيئا ذا بال.
Bilinmeyen sayfa