140

Series of Lanterns of Guidance

سلسلة مصابيح الهدى

Türler

حقيقة ما وقع بين عائشة وعلي ﵄ وفي عهد علي في أول خلافته قامت الفتنة -فتنة وقعة الجمل- التي ندمت عليها أمنا ﵂ ندمًا شديدًا. وأود في عجالة أن أنبه إلى اتهام باطل اتهمت به عائشة ﵂، وشحنت به بعض كتب التاريخ والسير، ألا وهو أن عائشة هي التي ذهبت إلى الكوفة والبصرة لتجييش الجيوش للخروج على علي ولحربه، وهذا افتراء باطل وكاذب، وإن أعظم دليل على كذب هذا: ما رواه الطبري بسند صحيح عن الأحنف بن قيس أنه قال: ذهبت إلى المدينة النبوية فرأيت الناس قد اجتمعوا في وسط المسجد النبوي، والناس يحاصرون عثمان ﵁، فلقيت طلحة والزبير فقلت لهما: والله ما أرى عثمان إلا مقتولًا، فإن قتل فمن تأمراني أن أبايع؟ فقال طلحة والزبير: عليك أن تبايع عليًا. يقول الأحنف بن قيس: فعدت إلى مكة فلقيت عائشة ﵂، فبلغنا خبر مقتل عثمان، فقلت: يا أماه! من تأمريني أن أبايع؟ فقالت عائشة: عليك بـ علي. يقول الأحنف: فعدت إلى المدينة فبايعت عليًا ثم رجعت إلى البصرة مرة أخرى. أما ذهابها إلى الكوفة والبصرة فقد شرحته قبل ذلك مفصلًا في اللقاء الرابع من هذه السلسلة في خطبة علي بن أبي طالب ﵁، وما ذهبت إلا متأولة، تريد الصلح والإصلاح بين المسلمين، وجمع كلمتهم، متأولة بقول الله جل وعلا: ﴿لا خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِنْ نَجْوَاهُمْ إِلَّا مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللَّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾ [النساء:١١٤] إلا أنه وقع عكس ما كانت تتمناه وتريده تمامًا، حتى كانت إذا ذكرت يوم الجمل تبكي، ويبلل البكاء خمارها وتقول: يا ليتني مت قبل هذا اليوم بعشرين سنة!

12 / 8