Series of Lanterns of Guidance

Muhammad Hassan d. Unknown
118

Series of Lanterns of Guidance

سلسلة مصابيح الهدى

Türler

مصعب بن عمير أول داعية إلى الإسلام في المدينة وحمل الأنصار هذه الدعوة، وصاروا يسابقون بها الريح، وينطلقون من مكة إلى المدينة بهذا النور الجديد، وبهذه الحياة الجديدة، ولكن سرعان ما يبعثون إلى النبي ﷺ أن أرسل إلينا يا رسول الله رجلًا من أصحابك يدعو الناس بكتاب الله جل وعلا، فإنه أحرى أن يتبع -والحديث حسن- فينظر النبي ﷺ في وجوه أصحابه، من يختار لهذه المهمة الصعبة العسيرة؟ من يختار لهذه الأمانة الكبيرة إن رسول الله ﷺ يعلم يقينًا أن هذا الذي سيختاره سيجعل بين يديه مصير الإسلام في المدينة فالمدينة هي الأمل المرتقب بعد صدود أهل مكة، وغلاظة أهل الطائف. إذًا: وبلا مبالغة إن هذه القضية هي أخطر قضية للإسلام حينذاك. من يختار ﷺ؟! ويختار الحبيب أول الدعاة وسيد التقاة مصعب الخير ﵁ وأرضاه، فهو الذي تمرس وصبر على البلاء. لقد هاجر ﵁ إلى الحبشة مرتين وتحمل الأذى، ونجح في الاختبار نجاحًا بقوة واقتدار، إذًا: فلتذهب يا مصعب الخير إلى المدينة المنورة لتعلم الناس الإسلام، ولتفقه الناس في دين الله جل وعلا، ولتقرأ القرآن عليهم غضًا طريًا -اسمعوا- ولتقوم بدور رسول الله في مكة في المدينة المنورة. يا سبحان الله! أي شرف هذا، وأي مكانة هذه التي يتبوأها مصعب؟ يقوم بدور رسول الله في مكة في المدينة المنورة؟! نعم، فهو الداعية الذي كان مثلًا وقدوة ونستحق بجدارة أن نرفع رءوسنا لتعانق السماء ولنقول: إنه داعية رباه محمد بن عبد الله ﷺ! أيها الأحبة! ويذهب مصعب وهو يعي رسالته، ويقدر أمانته، وينطلق إلى المدينة المنورة، وينزل ضيفًا على أسعد بن زرارة ﵁ وأرضاه. لماذا؟ لأن مصعبًا لا يملك مالًا ولا أهلًا ولا بيتًا ولا دابة ولا سلاحًا، بل إن الدعوة وهي ماله، وهي بيته، وهي دابته، وهي سلاحه، ولا يملك شيئًا إلا أن يدعو، وكذلك أقول لإخواني من الدعاة: نحن لا نملك إلا الدعوة، ولا نملك إلا القلوب، فنتعلم من هذه الدروس، ولذا فإننا نركز على هذا لا لمجرد التسلية والاستمتاع، وإنما ليربى الجيل على أخبار وسير هؤلاء الأطهار.

10 / 5