٧ - قال العلامة الألباني ﵀ في "الصحيحة" (٥/ ١٣١٢ - ١٤): "وإنما عُنيتُ بتخريجه من هذا الوجه لقصة ابن مسعود مع أصحاب الحلقات؛ فإن فيها عبرة لأصحاب الطرق وحلقات الذكر على خلاف السنة، فإن هؤلاء إذا أنكر عليهم مُنكِرٌ ما هم فيه اتهموه بإنكار الذِّكْرِ من أصله! وهذا كفرٌ لا يقع فيه مسلم في الدنيا، وانما المنكر ما أُلصِقَ به من الهيئات والتجمعات التي لم تكن مشروعة على عهد النبي ﷺ، وإلا فما الذي أنكره ابن مسعود ﵁ على أصحاب تلك الحلقات؟ ليس هو إلا التجمع في يوم معين، والذكر بعدد لم يَرِدْ، وإنما يحصره الشيخ صاحب الحلقة، ويأمرهم به من عند نفسه، وكأنه مشرّعٌ عن الله تعالى! ﴿أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللهُ﴾.
زد على ذلك أن السنة الثابتة عنه ﷺ فعلًا وقولًا إنما هي التسبيح بالأنامل، كما هو مبين في "الرد على الحبشي"، وفي غيره.
ومن الفوائد التي تؤخذ من الحديث والقصة؛ أن العبرة ليست بكثرة العبادة، وإنما بكونها على السنة، بعيدة عن البدعة، وقد أشار إلى هذا ابن مسعود ﵁ بقوله أيضًا: "اقتصاد في سنة خير من اجتهادٍ في بدعة" (١).
ومنها: أن البدعة الصغيرة بريد إلى البدعة الكبيرة، ألا ترى أن أصحاب تلك الحلقات صاروا بَعْدُ من الخوارج الذين قتلهم الخليفة الراشد علي بن أبي طالب؟ فهل من مُعتبر؟! " اهـ.
* * *
٨٨ - قال الإمام البخاري -رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى-: حدثنا أبو النعمان، حدثنا أبو عوانة، عن بيان أبي بشر، عن قيس بن أبي حازم، قال: دخلَ أبو بكر على امرأة من أحمسَ (٢) يقال لها زينب، فرآها لا تتكلّم، فقال: "ما لها لا تتكلّم"؟
(١) وهو مخرّج في هذه السلسلة برقم (٤).
(٢) قبيلة من بجيلة.