Secularism and the Maliki School
العلمانية والمذهب المالكي
Yayıncı
جريدة السبيل
Baskı Numarası
الأولى
Yayın Yılı
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
Yayın Yeri
المغرب
Türler
تُرْجَعُونَ﴾، فالمقصود بهم إنما هو دينهم المفضي بهم إلى السعادة في آخرتهم ... ﴿صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾.
فجاءت الشرائع بحملهم على ذلك في جميع أحوالهم من عبادة ومعاملة، حتى في الملك الذي هو طبيعي للاجتماع الإنساني، فأجرته على منهاج الدين ليكون الكل محوطًا بنظر الشارع. فما كان منه بمقتضى القهر والتغلب وإهمال القوة العصبية في مرعاها فجور وعدوان ومذموم عنده كما هو مقتضى الحكمة السياسية. وما كان منه بمقتضى السياسة وأحكامها فمذموم أيضًا، لأنه نظر بغير نور الله: ﴿وَمَن لَّمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِن نُّورٍ﴾.
لأن الشارع أعلم بمصالح الكافة فيما هو مغيب عنهم من أمور آخرتهم، وأعمال البشر كلها عائدة عليهم في معادهم، من ملك أو غيره، قال ﷺ: «إنما هي أعمالكم ترد عليكم» (١)، وأحكام السياسة إنما تطلع على مصالح الدنيا فقط. ... ﴿يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾، ومقصود الشارع بالناس صلاح آخرتهم فوجب بمقتضى الشرائع حمل الكافة على الأحكام الشرعية في أحوال دنياهم وآخرتهم. وكان هذا الحكم لأهل الشريعة وهم الأنبياء ومن قام فيه مقامهم وهم الخلفاء.
فقد تبين لك من ذلك معنى الخلافة، وأن الملك الطبيعي هو حمل الكافة على مقتضى الغرض والشهوة، والسياسي هو حمل الكافة على مقتضى النظر العقلي في جلب المصالح الدنيوية ودفع المضار، والخلافة هي حمل الكافة على
_________
(١) يغني عنه ما رواه مسلم (٤/ ٢٥٧٧) وغيره عن النبي ﷺ مرفوعا إلى ربه تعالى: يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم إياها.
1 / 31