فيا يومنا إلى غد «يا غدا يؤثر»
لنصغ إلى همسة الضياء
كثيرا ما تعكس الحياة أدوار من يظهرون على مسرحها. في فتوتي كان إبراهيم منذر خطيبا نتسابق إلى الاستماع إليه. ويا طالما جلست بين نظارة محدقة بمنبر يعتليه. مرة واحدة كنت أنا على منبر وكان هو بين النظارة. كان ذلك في حفلة تكريمه في «بكفيا» والشيخ إبراهيم هرم على ثلاث إحداهن عصاه.
في المهرجان يغلب المرح على النفوس. أما أنا فنفسي في هذا المهرجان يستبد بها الخوف.
الخوف من أن ألحن في اللغة أمام شيخ الطهارة اللغوية، فإن بيني وبين قواعد اللغة مثل ما بين الحكومة والمعارضة.
لقد زينت هذا الخطاب وشكلته بالضمة والفتحة والكسرة، خوفا من غلطة نحوية أو صرفية تستفز الشيخ إبراهيم، فيثب إلي بعصاه! وإني أطمئن جمهور أصدقائه ألا يقلقوا على صحة المحتفى به، فإن رجلا لا تزال عصاه تخيف الناس لهو رجل لم يبرح في شرخ شبابه!
غير أنا عصا الشيخ ليست وحدها التي تخيفني . صرت أخاف أن أمدح الناس. في هذا الزمن الذي طغى فيه الفساد، صار أسلم للذي يعبد ضميره أن يشتم جيرانه من أن يثني عليهم. لقد سطرت في الماضي القريب عبارات مديح وددت لو أعطي لي أن أمحوها، ولو حكا ببؤبؤ عيني.
غير أن الرجل الذي نحاول اليوم تكريمه عجمته عقود السنين وسقت فولاذه نيران الحياة، فكان مصباحا لم ينطفئ في الإعصار، وبارودة لم تغالط في المعركة.
لقد استأثرت بكفيا بالكثيرين من العظام، فلا ندري لما دعينا إليها. أنحن ننزل بكفيا ضيوفا أم نؤمها حجاجا؟
إن لبنان الذي قلت وثباته وطال سكونه لعظيم حين يخشع أمام هذا القروي الفقير، ولكنه كان أعظم في أمسه حين قذف بهذا القروي الفقير فولاه شرف نيابته، وقال له: كن من أسياد هذا الشعب؛ لأنك كنت من خيرة خدامه.
Bilinmeyen sayfa