فراح يتكلم: حين فتحت الباب على صوت القرع الشديد في منتصف ذلك الليل
قلت: إن أمرا كهذا لا يسعني أن أفعله. آتوني بإذن من سيادة المطران؛ هكذا ينص قانوننا الكنائسي، قالوا: ليس لدينا من وقت. افعل هذا على مسئوليتنا نحن. فاعتذرت من جديد، وراحوا يلحون علي مرددين أن خرق النظام الكنائسي هو أقل ضررا من أن يرسل مسيحي إلى الموت غير متمم واجباته الدينية.
وأخيرا أذعنت بكثير من التردد والحيرة، وركبت سيارتهم في طرقات تعج برجال الأمن من جنود وبوليس ودرك وأسلحة مشرعة، وأطللنا على سجن الرمل فإذا هو منار من الداخل والخارج، ونزلنا حيث كان ضباط آخرون بانتظارنا.
وأقبل علي مدير السجن يعرفني إلى نفسه، وأخبرني أن هذا هو الإعدام الثالث عشر الذي مر به، وأن الأمر بسيط، فأجبته: «لقد مضى علي ثلاث عشرة سنة في الثوب الكهنوتي، وهذا أول إعدام سأشهده.» وكان الطبيب الذي اشترك معنا في الحديث مثلي لم يشهد إعداما فيما مضى.
وزاد مدير السجن فقال: إن هذا المحكوم الخائن أنطون هو رجل خائن، وكافر ملحد يبشر بالكفر والإلحاد. إنه لن يأبه لك يا أبانا هذا الخائن الملحد الكافر.
ودخلنا - حيث كان الزعيم - محبسا من الغلو نعته أنه غرفة، فوجدناه مفترشا بساطا من قذارة ورقع. وكان هذا الفراش أقصر من قامته، فجعل من جاكيته وصلة بين الفراش والحائط كي لا ترتطم به قدماه.
وكان نائما نوما طبيعيا، ورأسه على ذراعه اليسرى التي جعل منها بديلا عن مخدة لم تكن هناك.
وأيقظناه فنهض حالا وبادرنا السلام، وخصني بقوله: «أهلا وسهلا يا محترم.» فأبلغاه أنه لم يصدر عنه عفو، وأن الإعدام سينفذ به حالا، فشكرنا باسما رزينا، واستأذن بلبس جاكيته التي كانت مطوية تحت قدميه، فأذنوا له، فشكرهم من جديد ولبسها.
وخلوت به وسألته إن كان يود أن يقوم بواجباته الدينية، فأجاب: لم لا؟ وطلبت إليه أن يعترف فأجاب: ليس لي من خطيئة أرجو العفو من أجلها؛ أنا لم أسرق، لم أدجل، لم أشهد بالزور، لم أقتل، لم أخدع، لم أسبب تعاسة لأحد.
وبعد أن فرغت من المراسيم الدينية تركنا الغرفة، فكبلوا يديه وخرجنا إلى مكتب السجن.
Bilinmeyen sayfa