كل هذا من غير ضجة ولا مباهاة.
قلت: قصدت إلى بيت هذا الحزب عن غير معرفة. ولم لا؟
إن كانت هذه المنظمات وجدت للخير العام، وإن كان الواحد منا يشعر بأنه جزء حي من هذا الوطن، فله الحق، بل من الواجب عليه أن يستنجد بالمنظمات في كل ملمة، وفي سبيل الخير العام.
ثم كذلك على المواطن الصادق الحي أن يشعر أنه قريب إلى مواطنيه. إني لا أعرف في لبنان شخصا لا يشوقني أن أواخيه، ولا معبدا لا يشرفني أن أركع فيه.
من أسباب تفككنا القومي أننا في عصر مائع بين عهد الإقطاعية المطلقة، وعهد الحزبية المنظمة الصحيحة.
فمن الناحية القصوى ليس في البلاد إقطاعي أو عشرة إقطاعيين يستطيعون أن يعبئوا الشعب جمهورا طيعا خدوما، ومن الناحية المعاكسة ليس فيها عشرة أحزاب تقوى أن تستنفر جنودا مدربة منظمة.
لذلك وجب على الأفراد أن يشجعوا الحزب - أي حزب - على أنه المنظمة التي نفتقر إليها، ووجب على الأحزاب وهي ما تزال في طور الاختبار ألا تخون الفكرة الحزبية وتصبح مطية للرغائب.
حين تفضل السيد بيار الجميل، وليسمح لي أن أعريه من مشيخته، ولقاء ذلك أتعرى أنا من مشيختي؛ أقول حين سألني الشيخ؛ السيد بيار، الكلام قال: إن بينه وبيني فروقات، ولكننا متفقان على الجوهر.
بلى، إن بيننا فروقات عديدة قد أعرف بعضها ، وقد أجهل البعض الآخر.
معمل الصابون يصنع الصابونة كالصابونة؛ فبركة البلاط تنتج البلاطة كالبلاطة. طبق الترمس حباته متشابهة. أما الرجال الذين يدعون الفكر الحر والعقل المستقل المستنبط الواعي فلا يجمعون على كل شيء. لا تجد الإجماع الشامل على الأمور كلها إلا عند المستعبدين والصعاليك. أجل، إن بيننا فروقات كثيرة أرجو أن تتكاثر وألا تمحى.
Bilinmeyen sayfa