Elçilerin Efendisi

Ja'far al-Subhani d. 1450 AH
64

فلابد أن نعرف ماذا كانت تلك الاغلال والسلاسل التي كانت عرب الجاهلية ترزخ تحتها حتى قبيل بزوغ فجر الإسلام؟

لا ريب أنها لم تكن من جنس الأغلال والسلاسل الحديدية ، ولم يكن المقصود منها ذلك أبدا ، فماذا كانت إذن يا ترى؟

أجل إن المقصود من هذه الاغلال هي الأوهام والخرافات التي كانت تقيد العقل العربي عن الحركة ، وتعيقه عن النمو والتقدم ، ولا شك أن مثل هذه السلاسل والأغلال التي تقيد الفكر البشري وتمنعه من التحليق والتسامي ، اثقل بكثير من الاغلال والقيود الحديدية واضر على الإنسان منها بدرجات ومراتب ، لأن الأغلال الحديدية توضع عن الأيدي والأرجل بعد مضي زمان ، ويتحرر الإنسان منها ، بعد حين ، ليدخل معترك الحياة بعقلية سليمة مبراة من الأوهام والخرافات ، وقد زالت عنه ما تركته تلك الحدائد من جروح وآلام.

أما السلاسل والاغلال الفكرية ( ونعنى بها الاوهام والاباطيل والخرافات ) التي قد تهيمن على عقل الإنسان وتكبل شعوره فانها طالما رافقت الإنسان إلى لحظة وفاته ، واعاقته عن المسير والانطلاق ، دون ان يستطيع التحرر منها ، والتخلص من آثارها ، وتبعاتها ، اللهم إذا استعان على ذلك بالتفكير السليم ، والهداية الصحيحة.

فبالتفكير السليم وفي ضوء العقل البعيد عن أي وهم وخيال يمكنه التخلص من تلك الاغلال والقيود الثقيلة ، وأما بدون ذلك فإن أي سعي للإنسان في هذا السبيل سيبوء بالفشل.

إن من أكبر مفاخر نبي الإسلام أنه كافح الخرافات ، وأعلن حربا شعواء على الأساطير ، ودعا إلى تطهير العقل من أدران الأوهام والتخيلات ، وقال : لقد جئت لاخذ بساعد العقل البشري ، وأشد عضده ، واحارب الخرافه مهما كان مصدرها. وكيفما كان لونها وأيا كانت غايتها ، حتى لو خدمت أهدافي ، وساعدت على تحقيق مقاصدي المقدسة.

إن ساسة العالم الذين لاتهمهم إلا إرساء قواعد حكمهم وسلطانهم على

Sayfa 68