اقترح المشركون على النبي أحد الأمرين :
1 الإتيان بقرآن غير هذا مع التحفظ على فصاحته وبلاغته.
2 تبديل بعض آياته مما فيه سب لآلهتهم وتنديد بعبادتهم للاوثان والاصنام.
فأجاب عن الثاني في نفس الآية بان التبديل عصيان لله ، وانه يخاف من مخالفة ربه ، ولا محيص له إلا إتباع الوحي من دون أن يزيد فيه أو ينقص عنه.
واجاب عن الأول في الآية المبحوث عنها بان ذلك أمر غير ممكن لأن القرآن ليس من صنعي وكلامي حتى أذهب به وآتي بآخر ، بل هو كلام الله سبحانه وقد تعلقت مشيئته بتلاوتي ، ولو لم يشأ لما تلوته عليكم ولا ادراكم به ، والدليل على ذلك أني كنت لابثا فيكم عمرا من قبل فما تكلمت بسورة أو بآية من آياته ، ولو كان القرآن كلامي لبادرت إلى التكلم به ، ايام معاشرتي السابقة معكم في المدة الطويلة ، المديدة.
قال العلامة الطباطبائي في تفسير الآية : إن الأمر فيه إلى مشيئة الله لا إلى مشيئتي ، فانما أنا رسول ولو شاء الله ان ينزل قرآنا غير هذا لأنزل ، أو لم يشأ تلاوة هذا القرآن تلوته عليكم ، ولا أدراكم به فاني مكثت عمرا من قبل نزوله ، ولو كان ذلك الي وبيدي لبادرت إليه قبل ذلك وبدت من ذلك آثار ولاحت لوائحه (1).
فكيف يمكن والحال هذه أن يكون مجانبا للإيمان بالله وتوحيده ، لاهيا عن عبادته وتقديسه.
هذا وفي هذا المجال حديث واسع اكتفينا منه بهذا القدر ، ومن أراد التوسع أن يراجع الجزء الخامس من مفاهيم القرآن ص 135 191.
وأما الكلام في الجهة الثانية وهي : أنه بماذا وبأي دين كان يتعبد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل البعثة ، فقد وقع ذلك محطا للبحث بين العلماء ، وحيث انه لا ينطوي على فائدة كبرى ، بعد أن تبين أنه كان قبل البعثة
Sayfa 311