أوراق الشجر.
كما أن « عبد المطلب » نفسه كان هو الآخر تتجاذبه قوتان متضادتان : قوة الايمان والعقيدة من جانب ، وقوة العاطفة والمحبة الأبوية من جانب آخر ، وقد أوجدت هذه الواقعة في نفسي هاتين الشخصيتين آثارا مرة يصعب زوالها ، بيد أن تلك المشكلة حيث عولجت بالطريقة التي ذكرناها ونجا « عبد الله » من الموت المحقق فكر « عبد المطلب » فورا في ان يغسل عن قلب « عبد الله » تلك المرارة القاسية بزواج « عبد الله » بآمنة ، وبذلك يقوي من عرى حياته التي بلغت درجة الانصرام ، بأقوى السبل ، وأمتن الوسائل.
ومن هنا توجه « عبد المطلب » إلى بيت « وهب بن عبدمناف » فور رجوعه من المذبح آخذا بيد ولده عبد الله وعقد لولده على « آمنة بنت وهب » التي كانت تعرف بالعفة ، والطهر ، والنجابة ، والكمال.
كما أنه عقد لنفسه في ذات المجلس على « دلالة » ابنة عم آمنة ، ورزق منها « حمزة » عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والمشابه له في السن (1).
غير أن الاستاذ المؤرخ « عبدالوهاب النجار » المدرس بقسم التخصص في الازهر الذي صحح « التاريخ الكامل » لابن الاثير ، وعلق عليه بملاحظات وهوامش مفيدة شكك في صحة هذه الرواية ، واستغربها ، وقال : لا أظن أنه يصح شيء في هذه الرواية ، إذ المعقول أن يتريث « عبد المطلب » بعد ذلك المجهود المضني حتى يريح نفسه ثم يذهب ليخطب لابنه (2).
ولكننا نعتقد بأن المؤرخ المذكور لو نظر إلى المسألة من غير هذه الزاوية لسهل عليه التصديق بهذه الرواية.
ثم أن « عبد المطلب » عين موعدا للزفاف ، وعند حلول ذلك الموعد تمت مراسم الزفاف في بيت « آمنة » طبقا لما كان متعارفا عليه في قريش ، ولبث
Sayfa 190