يرحمك الله ، مذهب الصوفية بطالة وجهالة وضلالة ، وما الإسلام إلا كتاب الله وسنة رسوله ، وأما الرقص والتواجد فأول من أحدثه أصحاب السامري لما اتخذ لهم عجلا جسدا له خوار ، فقاموا يرقصون حواليه ، ويتواجدون ، فهو دين الكفار ، وعباد العجل ، وأما القضيب فأول من اتخذه الزنادقة ؛ ليشغلوا به المسلمين عن كتاب الله تعالى ، وإنما كان مجلس النبي صلى الله عليه وسلم مع / أصحابه كأنما على رؤوسهم الطير من الوقار ، 9 فينبغي للسلطان ونوابه أن يمنعهم من الحضور في المساجد وغيرها ، ولا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحضر معهم ، ولا يعينهم على باطلهم ، هذا مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعي وأحمد ، وغيرهم من أئمة المسلمين ، وقال أيضا في كتابه المسمى النهي عن الأغاني : وقد كان الناس فيما مضى يستتر أحدهم بالمعصية إذا واقعها، ثم يستغفر الله ، ويتوب إليه منها ، ثم كثر الجهل ، وقل العلم ، وتناقص الأمر حتى صار أحدهم يأتي المعصية جهارا ، ثم ازداد الأمر إدبارا حتى بلغنا أن طائفة من إخواننا ، وفقنا الله وإياهم ، استزلهم الشيطان ، واستغوى عقولهم في حب الأغاني ، واللهو ، وسماع الطقطقة ، فاعتقدته من الدين الذي يقربهم إلى الله تعالى ، وجاهرت به جماعة المسلمين ، وشاقت به سبيل المؤمنين ، وخالفت العلماء والفقهاء ، وجملة الدين [ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا] (¬1) ، وقد سئل مالك رحمه الله عما يترخص فيه أهل المدينة من الغناء ، فقال : إنما يفعله الفساق ، ونهى عن الغناء واستماعه ، وأما أبو حنيفة فإنه يكره الغناء ، ويجعله من الذنوب ، وذلك مذهب أهل الكوفة سفيان ، وحماد ، وإبراهيم ، والشعبي ، لا اختلاف بينهم في ذلك ، إلى أن قال : وكان الشافعي رضي الله عنه يكره الطقطقة بالقضيب ، ويقول : وضعته الزنادقة ليشغلوا به عن القرآن ، وأما العود والطنبور وسائر الملاهي فحرام، ومستمعه فاسق ، ثم قال : فصل ، فإن قيل أليس قد روي عن جماعة من الصالحين أنهم سمعوه ، قلنا : ما بلغنا أن أحدا من السلف الصالح فعله، وهذه مصنفات أئمة الدين ، وأعلام المسلمين ، مثل مصنف مالك بن أنس وصحيح البخاري ، ومسلم ، وسنن أبي داود ، وكتاب النسائي / رضي الله عنهم إلى غيرها خالية من دعواكم ، وهذه10 تصانيف فقهاء المسلمين الذين تدور عليهم الفتيا قديما وحديثا في شرقي البلاد وغربيها ، فقد صنف المسلمون على مذهب مالك تصانيف لا تحصى ، وكذلك مصنفات علماء المسلمين على مذهب أبي حنيفة ، والشافعي ، وأحمد بن حنبل ، وغيرهم من فقهاء المسلمين ، كلها مشحونة بالذب (¬1) عن الغناء ، وتفسيق أهله ، فإن كان فعله أحد من المتأخرين فقد أخطأ ، ولا يلزم الاقتداء بقوله ، وترك الاقتداء بالأئمة الراشدين ، ومن هنا زل من لا بصيرة له ، نحتج عليهم بالصحابة والتابعين ، وعلماء المسلمين ، ويحتجون علينا بالمتأخرين ، سيما وكل من يرى هذا الرأي الفاسد خلو من الفقه ، عاطل من العلم ، لا يعرف مأخذ الأحلام ، ولا يفصل الحلال من الحرام ، ولا يدرس العلم ، ولا يصحب أهله ، ولا يقرأ مصنفاته ، ولا دواوينه ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم (¬1) ( ما استرذل الله عبدا إلا حظر عليه العلم ) فمن هجر أهل العلم والحكمة ، وانقضى عمره في مخالطة أهل اللهو والبطالة كيف يؤمن على هذه المسألة وغيرها ، [وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله] (¬2) فيا من رضي لدينه ودنياه , وتوثق لآخرته ومثواه باختيار مالك بن أنس باختيار مذهبه إن كنت على مذهبه ، أو باختيار أبي حنيفة والشافعي وأحمد إن كنت على مذهبهم، كيف هجرت اختيارهم في هذه المسألة ، وجعلت أمامك فيها شهواتك ، وبلوغ أوطارك ، ولذاتك [وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون ] (¬3) انتهى المراد منه، وهو في هذا المعنى بحرلا تنقضي عجائبه ، وفيما نقلناه كفاية ، ومن أراد الزيادة فليرجع إليه ، ولا يخفى أن الإنكار إنما هو على الصوفية الكاذبين ، وأما أهل الرسوخ والتمكين فمعاذ الله أن ينكر عليهم أحد ، فإنهم صفوة الأمة ، وخيار المسلمين ، وأكثر العلماء منهم ، وقد بين مذهبهم أتم البيان في هذا الكتاب ، وذكر كلاما ما رأيت / أحسن منه ، 11 فراجعه إن شئت ، ولنرجع لكلام المفتي ، فنقول :
قوله : حكى الإمام ابن عرفة في مختصره عن ابن حبيب إباحة سماع المزهر ، وهو العود ، كما في القاموس .
Sayfa 14