Sudan'da Kılıç ve Ateş

Salatin Basha d. 1351 AH
140

Sudan'da Kılıç ve Ateş

السيف والنار في السودان

Türler

تنص الشريعة الإسلامية على عدم الاعتراف بشهادة العبيد الذين تتم المساومة على بيعهم في سوق الرقيق، فكان أولئك البائسون واقفين على حقيقة حالتهم المزرية، فإذا علمنا بأن بعضهم عوملوا من أسيادهم معاملة حسنة، فإن ذلك لم يكن ليرضي الرقيق على وجه عام.

أنشأ الخليفة في أم درمان ذاتها في ساحة فسيحة على مسافة قريبة من الجنوب الشرقي لبيت المال بيتا عاديا مبنيا بالطوب، وتعرف الساحة المحيطة بهذا البيت بسوق الرقيق. وقد كنت في كثير من الأحيان أدعي بأني أرغب في شراء أو استبدال بعض الرقيق، وبهذه الحجة وحدها كان يسمح لي الخليفة بالتوجه إلى سوق الرقيق، فسنحت لي بذلك فرص متعددة للوقوف بنفسي على كيفية إجراء عملية المساومة.

في تلك السوق كان يقف الاختصاصيون بتلك التجارة لبيع ما لديهم من سلع بشرية؛ بحيث يقف حول سور البيت الطيني عدد كبير من النساء والأولاد ويجلس البعض الآخر، فهناك ترى العاجز والعارية والمزخرفة والمسرورة. وبطبيعة الحال أسعد المذكورات حظا هن المحظيات اللاتي يبعن بثمن طيب. وبما أن تجارة الرقيق أمر جائز ومشروع جدا في السودان، فمن حق الباعة والشارين أن يفحصوا رقيقهم فحصا دقيقا من هامة الرأس إلى باطن القدم بدون أقل تقيد، كما لو كان هذا الرقيق من طبقة الحيوانات الدنيئة.

فكان الشاري يفتح فم المرأة ليرى حال أسنانها وأضراسها، ثم يأمر البائع برفع ما عليها من غطاء في النصف الأعلى من جسمها ليفحصها الفحص الدقيق، ويعنى في ذلك عناية خاصة بتفحص ذراعيها، وبعد ذلك يطلب الشاري من المبيعة أن تمشي إلى الأمام أو الخلف بضع خطوات ليتعرف كيفية مشيها، ثم تلقى بعض أسئلة من الشارين على النساء والأولاد للوقوف على مقدار ما يعلمونه ويعلمنه من اللغة العربية، وفي الحق يظل كل من أفراد الرقيق خاضعا لرحمة الشاري في كل ما يلقيه عليه من أسئلته.

ذكرنا قبلا أن بين الرقيق نسوة يسمين بالمحظيات، فنعود إلى القول بأن أثمانهن تختلف اختلافا كبيرا، وهذا لا يمنع دخولهن في دائرة الأسئلة العامة الموجهة للرقيق، فإن ذلك أمر عادي جدا، ولم يكن يخطر في بال واحدة منهن أن تعترض على طريقة البيع المذكور، رغم ما فيها من شدة في كثير من الأحيان، وكل ما في الأمر أن بعض النساء أو البنات يشعرن بأنهن لدى أسعارهن في كثير من الأحيان أفضل مركزا من الرقيق؛ وبعبارة أخرى، يجدن أنفسهن خادمات. وقد يذهب بالواحدة حظها السعيد إلى درجة تشعر معها أن مركزها لدى سيدها كمركز أفراد الأسرة التي تخدمها، بعد أن كانت في حالة سيئة عند سيدها الأول الذي كان يعاملها معاملة وحشية قاسية. وبعد أن ينتهي الشاري من استقصاءاته يتساوم مع البائع فيسأله عن ثمنها، ثم يردف هذا السؤال بالاستفسار عن امرأة أحسن من التي أمامه ليبيعها له. وقد كان الشاري في كثير من الأحايين يشكو للبائع عدم تمتع المبيعة له بجمال كاف وعدم ظهور مخايل الحسن على جسدها بوجه عام، كما كان يشكو أحيانا من جهلها اللغة العربية جهلا تاما، إلى غير ذلك من الشكاوى التي لم يكن يقصد منها سوى تخفيض ثمن السعة الآدمية التي تباع له. بينما نرى البائع من الناحية الأخرى باذلا أقصى ما في وسعه لإظهار محاسن تلك المرأة المنكودة الحظ ، والإطناب في جمال أخلاقها مما لا داعي إلى تفصيله في هذا المقام.

هناك نقائص في المرأة أو البنت أو الولد تضطر البائع إلى تخفيض الثمن، وفي مقدمة النقائص المذكورة الغطيط والسرقة والكذب. ومهما يكن أمر البيع فالذي نعرفه أنه عند الانتهاء من المساومة والوصول إلى اتفاق، يخرج البائع ورقة يوقع عليها هو والشاري الذي يدفع الثمن في الساعة التي أصبح فيها سيدا للسلعة البشرية التي اشتراها، وكان الدفع دائما بالعملة المحلية السودانية - عملة الريالات الجديدة - ويمكن على وجه الإجمال تقدير الثمن بما يأتي:

كان ثمن العبد العامل الكبير السن يترواح بين خمسين وثمانين ريالا، وثمن المرأة المتوسطة العمر بين ثمانين ومائة وعشرين ريالا، أما البنت ما بين الثامنة والحادية عشرة من عمرها فكان يقدر ثمنها تبعا لمنظرها، وهو على وجه عام بين مائة وعشرة ريالات ومائة وستين ريالا. ويجدر بنا أن نشير إلى أن الأثمان الأخيرة ذاتها تختلف باختلاف سعر السوق أو باختلاف الطلب لفئة خاصة من الرقيق.

لا توجد من الوجهة العملية صناعات خاصة في السودان، ومع استثناء المواد التي ذكرتها في الصحائف السابقة، لا تجد بضائع مصدرة من السودان.

كان فيما مضى (قبل عام 1817) يرسل العمل المزركش بالذهب أو الفضة إلى مصر، ولكن بعد أن قل ورود ذينك المعدنين النفيسين - بتضاؤل الأيدي العاملة من الرقيق - وبعد أن أصدر المهدي أوامره المشددة ضد لبس الجواهر والحلي؛ نقص أو وقف التصدير للنواحي المجاورة عامة، ولمصر خاصة. ومع ذلك لدى السودانيين تجارة رابحة في الحراب الطويلة والقصيرة والحدايد المستعملة لسروج الخيول والحمير والمدى القصيرة التي توضع على الأذرع، هذا إلى ما اكتسبه السودانيون من بيع الآلات الزراعية. ولم يكتف السودانيون بذلك، بل اشتركوا في عمل السروج الخشبية للخيول والجمال والبغال، وصنع «العنجريب» والصناديق الخشبية لشحن الملابس، ثم إعداد الأبواب والشبابيك والغرف البسيطة.

كان السودانيون في السنين السابقة لانقضاء القرن التاسع عشر يعملون عملا جديا في بناء المراكب، ولكن حال دون الاستمرار في ذلك العمل المنتج تدخل الخليفة ومصادرته جميع المراكب الموجودة في النيل، ومع ذلك نهضت هذه الصناعة قليلا عام 1896 بعد أن أذن الخليفة بتسيير المراكب . ومهما يكن الأمر، فإن الرغبة في بناء السفن قد ضعفت ضعفا كبيرا بعد أن فرض بيت المال الضرائب الثقيلة على كل مركب جديد.

Bilinmeyen sayfa