Derinliklerin Sesi: Felsefe ve Psikoloji Üzerine Okumalar ve Çalışmalar
صوت الأعماق: قراءات ودراسات في الفلسفة والنفس
Türler
يشير بوبر إلى مفارقات أخرى يجب تفاديها، منها «مفارقة التسامح»، ومفادها أن المجتمع الذي يبسط ظل التسامح إلى غير حد مآله هو أن يزول ويزول معه التسامح! ومن ثم فإن على المجتمع المتسامح أن يكون مهيأ في بعض الظروف لأن يكبح أعداء التسامح (يتوجب بالطبع ألا يلجأ إلى ذلك ما لم يشكل هؤلاء خطرا حقيقيا وإلا أفضى به الأمر إلى الظلم والاضطهاد و«تصيد السحرة»). وينبغي أن يحاول جهده أن يلاقي هؤلاء أولا على صعيد الحجة العقلية. غير أنهم قد يسارعون بشجب كل حوار ويحظرون على أتباعهم الإصغاء إلى الجدل العقلي لأنه خادع، ويعلمونهم أن يجيبوا على الحجة باستخدام قبضتهم وباستخدام الرصاص. وما كان لمجتمع التسامح أن يبقى إلا إذا كان مستعدا في نهاية المطاف لتقييد مثل هؤلاء بالقوة. يجب أن تعتبر الدعوة إلى التعصب جريمة، تماما كما نعتبرها جريمة أي دعوة إلى القتل أو الاختطاف أو العودة إلى الاستعباد وتجارة الرقيق.
16
مفارقة الحرية
:
الحرية المطلقة كالتسامح المطلق؛ مفهوم يدمر ذاته، بل هو مفهوم حقيق أن يؤدي إلى نقيضه، ذلك أنه في حالة فك كل القيود عن الحرية فلن يكون هناك أي شيء يوقف القوي عن استعباد الضعيف (أو الخنوع). الحرية الكاملة إذن من شأنها أن تقضي على الحرية، ودعاة الحرية الكاملة هم في حقيقة الأمر أعداء للحرية مهما خلصت نواياهم. وقد أشار بوبر بصفة خاصة إلى مفارقة الحرية الاقتصادية التي تفتح الطريق أمام استغلال الغني للفقير وتؤدي إلى فقدان الفقراء لكل حريتهم الاقتصادية. هنا أيضا ينبغي أن يكون لدينا علاج سياسي؛ علاج شبيه بذلك الذي نستخدمه ضد العنف المسلح. لا بد إذن أن نشيد مؤسسات اجتماعية مدعمة بقوة الدولة لحماية الأضعف اقتصاديا من الأقوى؛ يعني ذلك بطبيعة الحال ضرورة التخلي عن سياسة عدم التدخل
non-intervention (والتي يطلق عليها الاسم الذي يفتقر إلى الدقة
laissez faire ، دعه يفعل)، وعن سياسة الحرية الاقتصادية غير المحدودة، وتبني سياسة «التدخل»
interventionism
التخطيطي للدولة في الشئون الاقتصادية، إذا شئنا ضمانا للحرية. وبتعبير آخر لا بد أن تنتهي الرأسمالية المطلقة ويحل محلها مذهب التدخل الاقتصادي.
إن مناهضي مذهب تدخل الدولة يرتكبون خطأ التناقض الذاتي، فأية حرية يجب أن تحميها الدولة: حرية سوق العمل أم حرية الفقراء أن يتحدوا؟! فأيما قرار سوف يتخذ سوف يفضي في ظل جميع الظروف إلى اتساع المسئولية الاقتصادية للدولة شئنا ذلك أم أبينا. وبصفة أعم «إذا الدولة لم تتدخل فقد تتدخل عندئذ تنظيمات شبه سياسية مثل الشركات والاتحادات الاحتكارية وما إليها، فتختزل حرية السوق إلى وهم.» ومن جهة أخرى فإن من الأهمية بمكان أن ندرك أنه في غياب الحماية اللصيقة للسوق الحرة فمن المحتم أن يتوقف النظام الاقتصادي برمته عن تأدية الغرض الوحيد المنوط به، وهو أن يفي بحاجات المستهلك. إن التخطيط الاقتصادي الذي لا يحقق الحرية الاقتصادية بهذا المعنى سوف ينتهي به المطاف إلى شيء قريب من الشمولية.
Bilinmeyen sayfa