والنهي ولا خلاف بين الأمة أن الراسخين في العلم يعلمون هذا التأويل وأرسخهم في العلم أعلمهم به ولو كان معرفة هذا التأويل ممتنعا على البشر لا يعلمه إلا الله لكان العمل بنصوصه ممتنعا كيف والعمل بها واجب فلا بد أن يكون في الأمة من يعرف تأويلها وإلا كانت الأمة كلها مضيعة لما أمرت به.
وقد يكون معنى النص بينا جليا فلا تختلف الأمة في تأويله وإن وقع الخلاف في حكمه لخفائه على من لم يبلغه أو لقيام معارض عنده أو لنسيانه فهذا يعذر فيه المخالف إذا كان قصده اتباع الحق ويثيبه الله على قصده وأما من بلغه النص وذكره ولم يقم عنده ما يعارضه فإنه لا يسعه مخالفته ولا يعذر عند الله بتركه لقول أحد كائنا من كان.
وقد تكون دلالة اللفظ غير جلية فيشتبه المراد به بغيره فهنا معترك النزاع بين أهل الاجتهاد في تأويله ولأجل التشابه وقع النزاع فيفهم هذا منها معنى فيؤولها به ويفهم منها غيره معنى آخر فيؤولها به وقد يكون كلا الفهمين صحيحا والآية دلت على هذا وهذا ويكون الراسخ في العلم هو الذي أولها بهذا وهذا ومن أثبت أحد المعنيين ونفى الآخر أقل رسوخا وقد يكون أحد المعنيين هو المراد
1 / 207