علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذ كانوا منفردين في زمانه لم يختلطوا بأهل الشرك وفي أمر هؤلاء عرضوا الخلاف ووقعت الشبهة لعمر رضي الله تعالى عنه حين راجع أبا بكر وناظره واحتج بقوله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فمن قال لا إله إلا الله عصم ماله ونفسه إلى أن قال رحمه الله وقد بينا أن أهل الردة كانوا أصنافا منهم من ارتد عن الملة ودعى إلى نبوة مسيلمة وغيره ومنهم من أنكر الشرائع كلها وهؤلاء هم الذين سماهم الصحابة رضي الله عنهم كفارا وكذلك رأى أبو بكر سبي ذراريهم وساعده على ذلك أكثر الصحابة ثم لم ينقض عصر الصحابة حتى أجمعوا أن المرتد لا يسبى فأما مانع الزكاة منهم المقيمون على أصل الدين فإنهم أهل بغي ولم يسموا أهل شرك أو فهم كفار وإن كانت الردة أضيفت إليهم لمشاركتهم للمرتدين في بعض ما منعوه من حق الدين وذلك أن الردة اسم لغوي وكل من انصرف عن أمر كان مقبلا عليه فقد ارتد عنه وقد وجد من هؤلاء القوم الانصراف عن الطاعة ومنع الحق وانقطع عنهم اسم الثنا والمدح وعلق عليهم الاسم القبيح لمشاركتهم القوم الذين كانوا ارتدوا حقا إلى أن قال فإن قيل وهل إذا أنكر طائفة في زماننا فرض الزكاة وامتنعوا من أدائها يكون حكمهم حكم أهل البغي (قلنا لا) فإن من أنكر فرض الزكاة في هذه الأزمان كان كافرا بإجماع المسلمين على وجوب الزكاة فقد عرفها الخاص والعام واشترك فيها العالم والجاهل فلا يعذر منكره وكذلك الأمر في كل من أنكر شيئا مما اجتمعت عليه الأمة من أمور الدين إذا كان علمه منتشرا كالصلاة الخمس وصوم شهر رمضان والاغتسال من الجنابة وتحريم الربا والخمر ونكاح المحارم ونحوها من الأحكام إلا أن يكون رجلا حديث عهد بالإسلام ولا يعرف حدوده فإنه إن أنكر شيئا منها جاهلا به لم يكفر وكان سبيله سبيل أولئك القوم في بقاء الاسم عليه (فأما) ما كان الإجماع معلوما فيه من طريق علم الخاصة كتحريم نكاح المرأة على عمتها وخالتها وأن القاتل عمدا لا يرث وأن للجد السدس وما أشبه ذلك من الأحكام فإن من أنكرها لا يكفر بل يعذر فيها لعدم استفاضة علمها في العامة (انتهى) كلام الخطابي وقال صاحب المفهم قال أبو إسحاق لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب إلا أهل ثلاثة مساجد مسجد المدينة ومسجد مكة ومسجد جواثا (انتهى)
Sayfa 14