فسألني بلهجة نمت عن الملل: وماذا قلت لك؟
فتملكني الحنق، وبدا لي في صحوه أفظع منه في سكره، وقلت مدافعا عن نفسي بإصرار وقنوط: لا بد أن أحصل على المال الذي أريد .. أرجو أن تقدر حرجي وشدتي، فإذا ضاعت مني هذه الفرصة انعدم أملي في الحياة.
وألقى نظرة على القارورة، ثم قطب قليلا وقال: أنت تطلب مالا وليس عندي مال! - هذا غير معقول! - هو الحق الذي لا شك فيه!
وأيقنت من لهجته واستهانته وتبرمه أن السماء أقرب إلى إثارة اهتمامه وعطفه، وتألب علي القنوط والصداع والحنق، فقلت بصوت مرتفع ملأ الحجرة الكبيرة: إنك لم تنفق علي مليما واحدا، فماذا يضيرك لو تنازلت لي عن بضع مئات من الجنيهات؟!
ونفخ الرجل عابسا، واشتد احمرار وجهه، ثم قال بصوت غليظ: يبدو لي أنك لا تفهم ما يقال، ولا تعي ما تقول، قلت لك ليس عندي مال .. ليس عندي مال .. ليس عندي مال!
وأفلت مني زمام نفسي فكورت قبضتي وضربت فخذي وصحت به: أليس ثمة رحمة في قلبك؟!
فحدجني بنظرة كأنما يقول لي لقد أعياني إقناعك، وقال باقتضاب وعدم مبالاة: كلا!
فرمقته بنظرة جامدة وشت بلا شك بأحاسيس الكراهية والحنق التي تفور بصدري حتى رأيته يعبس ويتجهم وجهه، ثم صاح بصوت كالخوار: ألا تريحونني كي أعيش البقية الباقية من حياتي في هدوء؟!
فصحت به كمن فقد وعيه: متى أزعجنا حياتك؟ أنت الذي أزعجت حياتنا ... إني في حاجة لبعض المال الذي تنفقه على الخمر بغير حساب، ولا بد أن آخذ ما أحتاج إليه.
فقبض على الكأس الفارغة بأصابع متشنجة وزعق قائلا: هذا كلام مجانين! أتسبني في وجهي؟ أتهددني؟ اغرب عن وجهي ولا تعد إلى هذا البيت ما دمت حيا!
Bilinmeyen sayfa