والمبيت والصفا والمروة، ولا تنوب صفة من صفاتها التي أوجبها الله عليها عن صفة فكيف ينوب زمان عن زمانها الذي أوجبها الله فيه عنه.
قالوا: وقد دل النص والإجماع على أن من أخر الصلاة عن وقتها عمدا أنها قد فاتته، كما قال النبي ﷺ: "من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله". وما فات فلا سبيل إلى إدراكه البتة ولو أمكن أن يدرك لما سمي فائتا وهذا مما لا شك فيه لغة وعرفا، وكذلك هو في الشرع، وقد قال النبي ﷺ: "لا يفوت الحج حتى يطلع الفجر من يوم عرفة". أفلا تراه جعله فائتا بفوات وقته لما لم يمكن أن يدرك في يوم بعد ذلك اليوم، وهذا بخلاف المنسية والتي نام عنها فإنها لا تسمى فائتة، ولهذا لم تدخل في قوله: "الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله".
قالوا: والأمة مجمعة على أن من ترك الصلاة عمدا حتى يخرج وقتها فقد فاتته ولو قبلت منه وصحت بعد الوقت لكان تسميتها فائتة لغوا وباطلا وكيف يفوت ما يدرك؟. قالوا: وكما أنه لا سبيل إلى استدراك الوقت الفائت أبدا فلا سبيل إلى استدراك فرضه ووصفه.
قالوا: وهذا معنى قوله ﷺ في الحديث الذي رواه أحمد المسند وغيره: "من أفطر يوما من رمضان عذر لم يقضه عنه صيام الدهر". فأين هذا من قولكم يقضيه عنه صيام يوم من أي شهر أراد؟.
قالوا: وقد أمر الله سبحانه المسلمين حال مواجهة عدوهم أن يصلوا صلاة الخوف فيقصروا من أركانها ويفعلوا فيها الأفعال الكثيرة ويستدبروها فيها القبلة ويسلمون قبل الإمام بل يصلون رجالا وركبانا حتى لو لم يمكنهم إلا الإيماء توا بها على دوابهم إلى غير القبلة في وقتها، ولو قبلت منهم في غير وقتها وصحت لجاز لهم تأخيرها إلى وقت الأمن وإمكان الإتيان بها، وهذا يدل على أنها بعد خروج وقتها لا تكون جائزة ولا مقبولة منهم مع العذر الذي أصابهم في سبيله وجهاد أعدائه، فكيف تقبل وتصح من صحيح مقيم لا عذر له البتة، وهو يسمع داعي الله جهرة فيدعها حتى يخرج وقتها ثم يصليها في غير الوقت.
1 / 74