Tahran Tutsağı
سجينة طهران: قصة نجاة امرأة داخل أحد السجون الإيرانية
Türler
عندما عدت إلى الزنزانة في الرابعة صباحا وجدت مينا نائمة، ولم تستيقظ إلا بعد شروق الشمس.
سألتها: «من ليلى؟»
سألتني كيف علمت بأمر ليلى، فأخبرتها بما قالته عند دخولها الزنزانة. - «ليلى شقيقتي.» - «وكيف ماتت؟» - «أصيبت بطلق ناري في مظاهرة احتجاجية.»
أخبرتني أن إحدى صديقات ليلى، وتدعى داريا، قد تعرضت للاعتداء من أفراد «حزب الله» ذات يوم بسبب ظهور خصلات من شعرها من تحت حجابها. كانت والدة مينا في طريقها إلى المتجر وشاهدت واقعة الضرب. بعدها أجبروا داريا على الركوب في سيارة وانطلقوا بها بعيدا. حاول والداها البحث عنها في كل مكان وكل مستشفى وكل جمعية إسلامية، ولكنها اختفت تماما. وبعد مرور شهرين سمعت ليلى عن مظاهرة احتجاجية وقررت أن تنضم إليها، وشجعت مينا على الانضمام إليها أيضا. حاولت مينا إقناعها بألا تذهب، لكن ليلى أكدت لها أنها ستذهب سواء انضمت لها شقيقتها أم لا، وسألتها ماذا لو أن ما حدث مع داريا قد حدث معها هي شخصيا، وأخيرا استسلمت مينا وقررت أن تذهب معها، لكن ليلى أخذت منها وعدا بألا تخبر والديهما بأمر المظاهرة.
قالت مينا: «وهكذا ذهبنا معا. كان هناك الكثير من الناس. بدأ الحرس الثوري بالهجوم علينا وإطلاق النيران، وبدأ الجميع يفرون. قبضت على يد ليلى وحاولت أن أصل بها إلى مكان آمن، ولكنها سقطت أرضا، واستدرت فوجدتها قد ماتت.»
أخبرت مينا بأمر المظاهرة الاحتجاجية في ميدان «فردوسي»، والشاب الذي أطلقت عليه النار، وقراري بالانتحار عندما عدت إلى المنزل بعد المظاهرة، لكني بدلا من أن أتناول حبوب أمي المنومة قررت أن أفعل شيئا إيجابيا بشأن ما شاهدته؛ قررت أن أفعل الصواب. - «وماذا فعلت؟» - «كتبت عن المظاهرة على لافتة من الورق المقوى ووضعتها على أحد حوائط المدرسة، ثم أنشأت صحيفة مدرسية.» - «اعتدت الخروج في وقت متأخر مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع والكتابة عما حدث لليلى على الحوائط بالطلاء. كنت أكتب شعارات مضادة للخميني والحكومة، فكلهم قتلة.» - «مينا، لقد كنت قاب قوسين أو أدنى من الإعدام، وسيعدمونك إن لم تتوقفي عن ترديد الشعارات المناهضة للخميني وللحكومة. لقد فقدت بعض أصدقائي وأقدر شعورك جيدا، ولكن موتك لن يفيد بأي شيء.»
ضيقت عينيها، وقالت: «إذن فقد تعاونت معهم ونجوت بحياتك!» - «ليس تماما، فقد هددوني بإيذاء عائلتي وأحبائي، ولم أتحمل تعريضهم للخطر.» - «فهمت، لكن عائلتي قد تحطمت على كل حال، فوالدي مصاب بمرض السكري والقلب، وهو يرقد في المستشفى منذ فترة، وأمي لم تتبادل كلمة مع أي شخص منذ وفاة ليلى، وقد انتقلنا حديثا للعيش مع جدتي التي تولت العناية بأمي. يمكن للحرس الثوري أن يهددوني كما شاءوا، فلا يمكن أن يسوء الأمر عن ذلك. ثم إني أتحمل جزءا من المسئولية أيضا؛ كان علي أن أمنع ليلى من الذهاب إلى تلك المظاهرة، فلولا ذهابها إلى المظاهرة لكانت بخير حتى الآن، ولكنا جميعا بخير.» - «لا تلقي باللوم على نفسك.» - «لكنه خطئي.» - «هل تظنين أن ليلى تريدك أن تعدمي؟» - «أظن أنها تريدني أن أفعل الصواب.» - «وهل الانتحار هو الصواب؟» - «أنا لا أنتحر.» - «إذا جادلت الحرس والمحققين فسوف يقتلونك، فلا تجادلي، أنقذي نفسك بقليل من التعاون.» - «لن أتعاون مع من قتلوا شقيقتي.» - «سوف يقتلونك أنت أيضا، وبم سيفيد قتلك؟» - «لن أستطيع الحياة بضمير مثقل بالذنب.» - «لا تتخلي عن حياتك.» - «لن تستطيعي تغيير رأيي. هل تعتقدين بالفعل أن تلك الحياة تستحق أن نحياها؟» - «لا يمكنك أن تعرفي أبدا ما يخبئه لك المستقبل، وما الذي قد يحدث خلال شهرين أو خمسة أو عشرة أشهر. يجب أن تمنحي نفسك فرصة، وقد منحك الله الحياة، فعليك أن تعيشيها.» - «لا أؤمن بالله، وحتى إن كان هناك إله فهو قاس.» - «حسنا، أنا أؤمن بالله ولا أعتقد أنه قاس، بل نحن من نمارس القسوة أحيانا، فسواء أكنت موجودة أم لا، كانت ليلى ستحيا وتموت بنفس الطريقة التي قدر لها أن تحيا وتموت بها، ولكن الله أنعم عليك بأخوتها ومحبتها وبالذكريات الجميلة التي شاركتها إياها، والآن يمكنك أن تتذكريها، يمكنك أن تعيشي وتفعلي الخير إحياء لذكراها الطيبة.»
أشاحت بوجهها بعيدا عني، وقالت: «لا أؤمن بالله.»
ظلت مينا نائمة بقية اليوم. كان بوسعي أن أتفهم شعورها بالمرارة، فقد تحول غضبها إلى كراهية تحرقها بنيرانها، أما أنا فقد أمدني إيماني بالله بالأمل وساعدني على الإيمان بوجود الخير بالرغم من الشر المحيط بي.
وفي المساء أتى علي إلى باب الزنزانة ونادى اسمي، فلم تتحرك مينا أو تفتح عينيها، بينما اقتادني علي إلى زنزانة أخرى كالمعتاد. حاولت أن أحدثه بشأن مينا، لكنه لم يكن راغبا في الحديث.
Bilinmeyen sayfa