ولا يعنينا هنا أن الاضطهاد يقع أو لا يقع، ولا يعنينا أنه يروى على حقيقته أو يروى مبالغا فيه، ولكن الواقع في جميع الأحوال أنه بضاعة نفيسة تستغلها الصهيونية العالمية، وتمزح فيها بين استغلال العطف الإنساني واستغلال الخوف من الأعداء.
فالنازية كانت العدو المخيف لأمم الغرب قبل منتصف القرن العشرين، فمن الأرباح النافعة التي تستفيدها الصهيونية العالمية أن تثير العطف على ضحاياها وأن تثير البغضاء على العدو المخيف، وأن تكون ضحية الأعداء الألداء التي تستحق العون من الساخطين على النازية، والمتوجسين من مطامع النازيين.
والشيوعية اليوم هي العدو المخيف لأمم الغرب التي كانت بالأمس تحارب النازية في ميدان السياسة وميدان القتال.
فالصهيونيون إذن هم ضحايا الاضطهاد في بلاد الشيوعية، ومن الواجب أن تثار الدعاية حول هذا الاضطهاد في هذه الآونة على التخصيص، لأن فضائح الجاسوسية في الولايات المتحدة قد كشفت عن علاقة وثيقة بين الجواسيس الصهيونيين وبين الدولة الحمراء، وقد ذكرت الأمريكيين بأن الشيوعية كلها قامت قبل أربعين سنة على أيدي العشرات من دعاة صهيون.
رأس مال يتجدد لأنه قارب على النفاد، ودليل جديد على الصهيونية العالمية تعيش اليوم على رأس مال مهدد بالضياع.
ويصبح سفير إسرائيل في الولايات المتحدة محتجا عل تفتيش السفن التي تعبر قناة السويس إلى إسرائيل، ومتعجبا من إصرار العرب على مقاطعة الدويلة التي تحسب أنها شوكة في جنب الأمم العربية، ومنكرا على هذه الأمم أنها - كما يزعم - تبني الآمال الكبار على خذلان أمريكا للصهيونيين، ومؤكدا أن الحوادث العارضة لن تكدر صفو العلاقة الأمريكية الصهيونية، وأن آيات الصداقة والحب لا تنقطع في الوقت الحاضر ولا في وقت من الأوقات.
رأس مال آخر مهدد بالضياع.
وكلام لا تثبت منه إلا حقيقة واحدة، وهي أن إسرائيل محرومة من عوامل البقاء بغير المعونة الأمريكية، وأن الأمم العربية تعرف ذلك كما يعرفه الصهيونيون.
فالمطلوب على هذا من الأمم العربية أن تعدل عن المقاطعة، لأن معونة أمريكا لإسرائيل باقية، ومقاطعة العرب في هذه الحالة لا تفيد.
وينسى السياسي الصهيوني أن هذه الصفحة يمكن أن تقلب عليه أو أنها قد تقرأ من اليمين إلى الشمال كما تقرأ من الشمال إلى اليمين.
Bilinmeyen sayfa