Camille Huysmains
الفلمنكي الذي كان أستاذا بجامعة بروكسل ، ووزيرا للعلوم والفنون، ورئيسا لمجلس النواب، فهذا المجامل الذي جاوز حدود دوره على المسرح حماسة وغيره يقول: إن حل قضية العرب لا يتوقف على العرب، بل يتوقف على البريطان والأمريكيين، وعلى اليهود. ويخيل إليه أنه يقسم الأرزاق للشعوب باسم هؤلاء الذين يتوقف عليهم مصير العرب، فيقول: إن العرب على كل حال لا يحق لهم الشكوى من نصيبهم في الدنيا ... لأنه على وفاق هذا الرأي نصيب قد ارتضاه لهم البريطان والأمريكيون واليهود. ويمضي فيقول: إن الصهيونية تستند إلى الضرورة، وإلى السلطان النافذ، وإلى المنطق، ويؤيدها نصير أوروبي من غير أهلها، أراد أن ينفذ إلى لبابها، وقد نظرت إلى الصهيونية بعين وطني فلمنكي يعيش في بلاد البلجيك، وربما استطعت من أجل هذا أن أفهمها بهذه السهولة، وقد اضطر البلجيكيون أيضا إلى النضال لخلق دولتهم وتقرير مركزها، وثابر على النضال عدة قرون إلى سنة 1830، ثم ثابر الفلمنكيون - وهم على الأقل نصف سكان - على نضالهم للاعتراف بحقوقهم الثقافية، فبلغوا به الغاية الموفقة من تجاوز العنصرين واللغتين.
وعند هذا المؤرخ العلامة أن قضية العرب واليهود في فلسطين تشبه قضية البلجيكيين والفلمنكيين، وأن إقامة دولة يهودية في محيط الكمنولث البريطاني ضمان لسلم الصهيونية وسلم القارة الأوروبية وحاجز أمان إلى جوار قناة السويس.
ومن المجاملين المعتدلين كاتب من محبي السلام، منحته لجنة نوبل جائزتها سنة 1933، وهو نورمان أنجل
Angell
صاحب كتاب «الوهم الأعظم» المشهور بالدعوة إلى الإخاء، واحترام الحياة الروحية التي أوشكت أن تفقد احترامها في العصر الحديث.
فهذا الكاتب يترك مسألة الوطن القومي في فلسطين جانبا، ويوجه التفاته كله إلى مسألة الهجرة، وتيسيرها للمضطهدين من اليهود ومن الشعوب الأخرى التي تضيق بها أوطانها بين الكثرة المتغلبة عليها، ويشير الكاتب إلى المستعمرات البريطانية التي تتقبل الوافدين إليها من الخارج، ولكنها تقيد الهجرة بقيود ثقيلة تكاد أن تمنعها، فيقول: إن المستعمرات حكومات مستقلة بشئونها الداخلية، ولكننا في إنجلترا نستطيع أن نتقدمها بالقدوة الصالحة، فتعدل عن بعض تلك القيود، ولا تقدم على العدول إذا استفادت من جهود المهاجرين إليها.
وتوماس مان كاتب آخر من حملة جائزة نوبل، ومن المتصدرين بين جماعات الدعوة إلى السلام والاجتماع على التسليم، وأصله من سلالة يهودية ألمانية، ولكنه يتجنب الاندفاع في التعصب لقومه، ويحاول أن يصبغ عليهم صبغة العطف على الضعفاء المضطهدين من كل ملة، ومقالته في هذه المجموعة تخلو من ذكر الوطن القومي في فلسطين، وتدور بالأمل كله في مدار الهجرة الميسرة، والتسوية بين اليهودي وغيره في حقوق الوطن والوظائف السياسية، وإذا تعرض لبقاء الصهيونية قال إنها ستبقى في المستقبل، لا كما بقيت في الماضي، وإن مصائب التشريد والاضطهاد لا تدوم على حالة، واحدة. ثم يختم كلامه عن الهجرة بملاحظة علمية، يحث بها الأمم الديمقراطية على تقدير الظروف الاستثنائية في تطبيق قوانين الهجرة، لأن هذه القوانين لا تقدر في الوقت الحاضر أحوال الاضطهاد التي تسوق المئات والألوف إلى مغادرة أوطانهم في آونة واحدة، ثم يقول: عسى أن يفيض المعنيون بمصير اليهود بموجات من العطف والغضب والثبات على المعونة تبلغ إلى السفاحين الذين يزهقون الحقوق والفضائل الإنسانية فيخيفهم، ويكون لها فوق ذلك أثرها الفعال في حث القادرين على المساعدة وتخفيف الآلام.
ومن الذين كتبوا بلغة السياسة في هذه المسألة سيدة إنجليزية اشتهرت في حركة المطالبة بحق المرأة في الانتخاب والنيابة، وهي السيدة كوربت آشبي
Corbett Ashby
Bilinmeyen sayfa