ومنها أنه كان شديد القلق يعمد على الدوام إلى تهدئة أعصابه بالإفراط في تدخين التبغ اللاذع، وتعزى إلى ذلك إصابته بالسرطان في فمه.
ومنها أنه كان يحيط نفسه بأعوان من اليهود، ويندر أن يعمل مع أحد من غير دينه.
وترد الصحف الغربية بأنباء الاحتفال بمرور مائة سنة على مولد فرويد فنري أعجوبة من أعاجيب التذكار لهذه المناسبة، لأن العرف قد جرى على الإشادة بمآثر المحتفى به من أمثال هذه الذكريات، ولكن الأطباء النفسانيين الذين اجتمعوا لإحياء ذكرى فرويد في مدينة شيكاغو - وعدتهم نحو أربعة آلاف - قد فوجئوا بحملة عنيفة على فرويد ومذهبه يتولاها رجل مسئول في مركزه العلمي والرسمي، وهو الدكتور برسفال بيلي
Bailey
مدير معهد النفسانيات بولاية النواز، وخلاصة حملته أن البقية الباقية من طب فرويد قليلة لا يؤبه لها، وأن آراءه لا تضيف شيئا إلى القيم الإنسانية، لأنه يرتد بالإنسان إلى الباطن، ويهمل جانبه المنطقي الشاعر، وأنه لم يكن يفهم المرأة، ولم يكن يتذوق الموسيقى، ولا يحس جلال العقيدة .
وإنه لمن العجب أن يكون الدكتور إرنست جونس تلميذه الوحيد من غير اليهود ثم ينساق في تقديره مع الوعظ التبشيري باسم العلم والثقافة.
ونحسب أن فرويد لم يعمل عبثا إذا كان العالم قد استطاع بعد أقل من عشرين سنة من وفاته أن يضعه على المشرحة التي كان يضع عليها مرضاه. ويذكرني هذا بقصة التلميذ اليوناني وأستاذه في علم الجدل والسفسطة، فإن التلميذ أنكر حق الأستاذ في الأجر المتفق عليه بعد انتهاء الدروس التي حضرها عليه، وقال له إنه سيناقشه في هذا الحق، فإن أقنعه بأنه لا يستحقه فلا أجر له عنده، وإن لم يقنعه فلا أجر له عنده كذلك، لأنه لم يعلمه كيف يقيم البرهان على دعواه.
قال الأستاذ: بل أستحق الأجر مرتين لأني علمتك أن تغلب أستاذك. وعلى هذا النحو يستطيع فرويد أن يهدأ في قبره، لأنه علم الناس كيف يضعونه على المشرحة ليطبقوا مذهبه عليه.
ومثل آخر: ألبرت أينشتين صاحب نظرية النسبية، وأكبر ما في «يهوديته» أن الكثيرين يحسبونه «مستقلا» منقطع الصلة بها لأنه يعيش أيامه كلها على اتصال بمعاهد العلم والعلماء.
ولكنه كان ينادي بالعصبية الصهيونية حين لا يضطره أحد إلى هذا النداء.
Bilinmeyen sayfa