ولقد أعلن جاكوب شيف
Jacop Schiff
الصهيوني صاحب الملايين، أنه أمد تروتسكي بالمال لإقامة الدولة الشيوعية، وثبت أن صاحب الملايين «ماكس ووربورغ» في ستوكهلم كان هو الواسطة القريبة لتزويد «تروتسكي» بالمال كلما احتاج إليه.
وإنها لضربة من ضربات القدر أطاحت بهذه الدولة الصهيونية قبل استقرارها على قواعدها العلنية المعترف بها في العالم كله، فقد تغلب ستالين على تروتسكي، وأحس الغدر من عصابة الصهيونيين فعجل بها قبل أن تعجل به، وتمكن من الغلبة على منافسه في مبدأ الأمر بمعونة فريق من العصابة، لأنه كان - كما تقدم - زوجا ليهودية وصهرا لكاجانوفتش «أبيه في الحساب» كما يقولون.
أمصادفات في عرض الطريق؟
كلا لا يمكن أن تتفق المصادفات كل هذا الاتفاق، ولا يمكن أن تسري هذه المصادفات في كل مكان، فيتولى زعامة الشيوعية في المجر «بيلا كوهين» ويتولاها في النمسا فريتز أولر، وأوشك أن يتولاها في ألمانيا ليبكنخت وروز الكسمبرج، لو لم تعاجلها الأقدار بما خيب الآمال.
ومن المعلوم، قبل هذا كله، أن إمام الشيوعية الأول هو «كارل ماركس» اليهودي، وأن منافسه في ألمانيا لاسال من سلالة اليهود.
ولقد تأسست حكومة إسرائيل في فلسطين وهم لا ييئسون من تسخير الشيوعية لتأييدها في المجامع الدولية، وتسخيرها من جهة أخرى لتخويف دول الغرب، وتهديدها بالتحول إلى جانب الكتلة الشرقية، إن لم تسعفها بالمال والسلاح والمعونة الدولية ... وكانت الكتلة الشرقية ترجو أن تبسط يديها على إسرائيل من وراء المهاجرين الشيوعيين فلم تلبث أن عرفت غلطتها، وأدركت أن الصهيوني يحترف الشيوعية، ويتسمى باسم المسيحية، ويعلن الإلحاد جهرا، أو يدين به سرا، ولكنه صهيوني من الصهيونيين مهما تختلف الأسماء والآراء.
ولم تكن هزيمة تروتسكي وشيعته نهاية الحلف القديم بين كارل ماركس وأبناء ملته. فإن الصراع بين ستالين وتروتسكي لا يتكرر في كل بلد على هذه الصورة، وإذا تكرر فحسب الصهيونية كسبا أن تتهدم أركان الوطنية والدين، وأن تنهار قواعد الأخلاق والآداب، فتستريح من هذه العوائق في طريقها، وتتفتح الأبواب لسلطان المال والخداع بغير شريك ولا حبيب. •••
إن بعض المؤرخين قد هالهم هذا الامتزاج بين الشيوعية والصهيونية فاعتقدوا أن الصهيونية قد خلقت هذه الثورة خلقا، وصاغتها على يديها بمحض مشيئتها، بيد أنه غلو في تقدير قوة الصهيونية لا نقرهم عليه، وأنها على تشعب مساعيها واتساع ميادينها لأهون شأنا من أن تخلق ثورة لم تخلقها أسبابها ولم تسبقها مقدماتها، وإنما شأنها كله أن تستطلع الأسرار الخفية، وأن تغتنم الفرصة السانحة، وأن تتسلل من الثغرة المفتوحة، وأن مثل الشيوعية لواحد من أمثلة كثيرة على أساليبها في استغلال الحركات الاجتماعية، والاتجاه بها إلى وجهتها في العصر الحديث.
Bilinmeyen sayfa