أما مؤتمر بال المسمى بالمؤتمر الصهيوني، فقد أصدر في اليوم الثاني من أيام انعقاده قرارا يقول فيه تعريفا للصهيونية إنها حركة ترمي إلى إنشاء وطن للشعب اليهودي شرعي معترف به في أرض فلسطين، ويرى المؤتمر أن الوسائل الآتية صالحة لتحقيق هذا الغرض وهي: (1)
ترقية اليهود المقيمين بفلسطين في أعمالهم الزراعية والصناعية والتجارية. (2)
تأليف اليهود في جميع البلدان جماعات محلية، أو جماعات عامة على حسب القوانين المرعية في تلك البلدان. (3)
تقوية الوعي اليهودي حيث كان. (4)
اتخاذ الخطوات التمهيدية للحصول على السند الضروري من الحكومات.
ثم نشبت الحرب العالمية، فاتصل الصهيونيون بالمعسكرين وساعدتهم ألمانيا والنمسا عند الباب العالي لتحقيق هذا المطمع في فلسطين، وعلم جمال باشا أنهم يمهدون لانتصار دول الغرب على دول أوروبا الوسطى فاشتد في مقاومة مشروع التعمير، واتفق في أثناء ذلك أن أستاذا كيمائيا في جامعة مانشستر كشف طريقة لاستخراج المواد اللازمة للمفرقعات من بعض الحبوب، فطلبت الجامعة مكافأته، وأبى هو أن يطلب شيئا لنفسه، قانعا بوعد من الحكومة البريطانية أن تصغي إلى مطالب قومه.
هذا الأستاذ هو الدكتور حاييم وايزمان الذي اشتهر بعد ذلك في زعامة الحركة الصهيونية، وشفاعته هذه كانت المقدمة «المرغوب فيها» لإعلان وعد بلفور، ولكنه لم يعلن يومئذ في البلاد العربية، بل حظرت الإشارة إليه في الشرق العربي كله إلى ما بعد الهدنة بشهور، وما كانت شفاعة الدكتور وايزمان إلا تعلة لإصدار هذا الوعد الذي كان جزءا من السياسة البريطانية العامة ومعدا قبل إعلانه لتنفيذه في الوقت المناسب، وقد كان في طريق التنفيذ بغير هذه الشفاعة، وإنما أصدرته الحكومة البريطانية ليكون ثمن الدعاية الصهيونية في الولايات المتحدة كي تحصل بريطانيا على المساعدات الأمريكية التي كانت في حاجة ملحة إليها للمضي في الحرب العالمية الأولى.
الفصل الثالث
الصهيونية منذ وعد بلفور
دخلت الصهيونية في دور العمل السياسي النافذ بعد وعد بلفور، وانتداب بريطانيا العظمى لإدارة فلسطين.
Bilinmeyen sayfa