لم ينقطع الهتاف وكانوا ينادون بأسماء القرى وأسماء آلهتهم، وفي بعض الأحيان كان ممكنا سماع ذوي الشأن في «أوموارو»، مثل «واكا» و«سيسي» و«أودوزو»، واستقر الأمر في النهاية على تحية «أولو»، الإله الأكبر ل «أوموارو».
كان «أوبيوزو إيزيكولو» رجلا عجوزا لكن مهارته في دق الطبول لم يكن لها نظير، وفي شبابه كانت القرى الست تدعوه «أوزو» لتفوقه في هذا المضمار. كانت دقاته تحرك قلوب أقربائه بقوة أيام الحروب، وتشعل فيهم الحماسة، غير أنه اليوم بعد أن صار عجوزا لا يستطيع أن يكون متفوقا كما كان .. تجمعوا حول طارق الطبول القديم، وقام أحد معارفه بتحيته، وأثنى عليه.
قال العجوز: ليس من الصواب أن نصف المرأة التي تأتي لترقص رقصتها المعتادة بأنها عجوز.
ضحكوا جميعا، وفي تلك الأثناء بدأ رسل «إيزولو» يظهرون وسط السوق المزدحم، بينما كان الناس يتقاتلون من أجل الفوز بمكان في المقدمة .. راحوا ينظمون حلقة كبيرة، وكانت أوراق القرعة التي تحملها النساء سببا في عرقلة النظام .. ظل الرجال خارج الحلقة فلم يكونوا في حاجة للمقدمة.
دقت الطبول لتحية رئيس الكهنة، ولوحت النساء بأوراقهن من جانب إلى آخر أمام وجههن، ثم رحن يصلين إلى «أولو»، الإله القادر على الموت والحياة.
كان الترحيب ب «إيزولو» هائلا .. تقدم للأمام، ثم توقف فجأة أمام طارق الطبول، وقال: استمر، «إيزولو» يسمع.
ثم بدأ في الرقص.
كان يرتدي الرافيا من خصره إلى ركبتيه، وكان النصف الأيسر من جسده ملونا بالطباشير الأبيض وربطة من الجلد حول رأسه مزينة بريش النسر في الخلف. وكان يحمل الأوفو في يده اليمنى وقضيبا طويلا من الحديد في يده اليسرى، كان يضرب نهايته بالأرض .. أبصر أحد أصدقائه واقفا في الخلاء فركض نحوه مسرعا .. مد ذراعه ولوح بالقضيب الحديد جهة اليمين واليسار .. سمع الناس ارتطام قضيب «إيزولو» الحديدي بقضيب الرجل الآخر، الذي لا يعرفه أحد.
ضرب «إيزولو» بعصاه المعدنية فوق الأرض، وظل يرقص قليلا على دقات الرجل العجوز الذي لم يتوقف منذ ظهور الكاهن، بينما النساء كن يلوحن بأوراق القرعة أمامه، ثم راح يتطلع إلى كل رجال ونساء «أوموارو» من حوله دون أن يقصد رؤية شخص معين، ثم شد العصا المعدنية من الأرض وقفز للأمام حاملا العصا في يده اليسرى والأوفو في يده اليمنى، وراح يركض حول السوق.
النساء كن يلوحن بأوراق القرعة، ويقذفن بها فوق «إيزولو» كلما مضى في أي مكان بالسوق، فبدا وكأن آلافا من الحشرات العملاقة تحتشد فوق رأسه.
Bilinmeyen sayfa