123

ذلك الصباح طلب «إيزولو» من «أوبيكا» الذهاب إلى «أوموارو»، لإخبار عائلته عن كيفية سير الأمور، وإحضار زوجته الصغرى كي تصنع له الطعام، لكن «جون وديكا»، أحد أفراد عشيرتهم، لم يوافق وقال: ليس ضروريا، إن زوجتي هي ابنة صديقك القديم، ولن تسمح لك بطلب امرأة أخرى، أعرف بأننا لن نستطيع إمدادك بنوع الطعام الذي تتناوله في البيت، ولكن إذا كان لدينا اثنتان من بذور النخيل فإننا سنقدم لك واحدة وكوبا من الماء يساعد على الابتلاع.

كان لدى «إيزولو» بعض التحفظات تجاه ابن «وديكا»، إلا أنه لم يستطع أن يرفض الطلب عند عرضه بهذه الطريقة، كما أنه لا يرغب في الإساءة إلى ابنة صديقه «إيجونوان»، الذي مات منذ سنوات ثلاث بعد الحصاد، طلب من «وديكا» عدم إحضار «أوجوي» وإنما كميات كبيرة من اليام وبعض الطعام الآخر، كما كانت لديه أيضا الأسباب اللائقة لكراهية ابن «وديكا»، الذي جاء من قرية قريبة في «أوموارو» كثيرا ما كان يراها «إيزولو»، وكان يعمل بغسل الأطباق في مطبخ الرجل الأبيض في «أوكبيري»، ومثل ذلك الشيء يعد مهانة كبيرة لابن من «أوموارو»، كما أن «جون وديكا» هو الذي جاء بالمبعوث الوقح للرجل الأبيض إلى بيت «إيزولو».

في نهاية يومه الأول في «أوكبيري» بدأ «إيزولو» في ملاطفة الرجل ليبين له أن أحد أفراد العشيرة حتى لو كان عدوا يصبح صديقا في بلد غريب؛ إذ إن «أوكبيري» التي تقع فيها مركز القيادة الحكومية تعد بلدا غريبا بالنسبة ل «إيزولو»؛ فهي ليست «أوكبيري» التي عرفها صبيا وشابا، كانت قرية أمه، فلا بد أن أجزاء كثيرة من «أوكبيري» قد تغيرت، لكن «إيزولو» لا يستطيع بسهولة أن يفتش عن تلك الأجزاء في ذلك الوقت الحرج، فأين هي العين التي ينظر بها إلى المواقع والوجوه الجديدة؟ كان ذلك أفضل من القول بأنه كان سجينا ولم يستطع التحرك كيفما شاء.

أثناء تناوله وجبة المساء سمع أصوات أطفال يرحبون بقدوم القمر الجديد: أنوا .. آتو .. أوه .. أوه!

Anwa ato - o - o - o ! انتشرت أصوات الأطفال عبر المكان، والتقطت أذن «إيزولو» الحادة ثمة أصواتا تغني بلهجة غريبة، لم يفهم منها شيئا سوى كلمة القمر .. لا شك أنهم أطفال أولئك الناس الذين يتحدثون لغة الإيبو من أنوفهم.

تدفق قلب «إيزولو» عند سماعه لصوت الأطفال رغم توقعه ذلك، غير أنه لم يكن متأهبا، وكان لا بد للإله الخاص به أن يسأل الآن عن مكان القمر، وكان على «أوموارو» أن تجيب.

ساد القلق بيت «إيزولو» في اليوم الأول والثاني لغيابه، وبالرغم من موسم الزرع فإن أحدا لم يذهب للعمل، غادرت «أوكواتا» عروس «أوبيكا» كوخها المنفرد، وتوجهت إلى حماتها، وذهب «إيدوجو» إلى كوخ أبيه؛ حيث دخل الجيران والمارون بالقرب، وسألوا: ألم يعودوا بعد؟

عاد «أوبيكا» في منتصف اليوم التالي، ولم يجرؤ أحد في البداية أن يسأل عن أي شيء، شرعت بعض النسوة في البكاء، وكان «أوبيكا» يرتدي قناعا عبارة عن فسقية من الطين عند وصوله إلى الكوخ، مشى باسترخاء وبطء على الأرض وكأنه جاء من «أوكبيري» جريا على الأقدام، ثم طلب ماء باردا سارعت أخته بإحضاره فشرب، ووضع الإناء جانبا، ثم بادره «إيدوجو» بالسؤال الأول: أين الشخص الذي ذهبت معه؟

لم يستطع «أوبيكا» أن يمزح، لكنه توقف قليلا، ثم قال: كان بخير عندما تركته.

اختفت ملامح الرعب من فوق الوجوه. - ولماذا أرسل الرجل الأبيض في طلبه؟ - أين تركته؟ - متى يعود؟

Bilinmeyen sayfa