ثانيا: ما من غرابة أو نكارة في المتن إلا ويقابله ضعف في المسند [فيما يتعلق بالرواية التأريخية].
ثالثا: من علامات الوضع التأريخي ما يأتي: لاحظنا خلال تخريجنا لروايات الطبري أن غلاة المبتدعة والهالكين من أمثال لوط بن يحيى يكثرون استخدام الألفاظ البذيئة وينسبوتها إلى السلف وهم منها براء- ولقد شهد الكل بطهارة لسانهم من الشتائم والبذاءات، ولكن الرواة المتروكين التالفين يصبون جام حقدهم على شكل سيل من الألفاظ الساقطة [يا بن أم كذا -أو يا كذا أو فلان الطاغية. . . إلخ] من الألفاظ التي كانت الصحابة تتورع حتى عن سماعها ناهيك عن التلفظ بها.
رابعا: ومن علامات الوضع كذلك كثرة استخدام الأيمان المغلظة لتوكيد تفاصيل حادثة معينة- وعلى ما يبدو فإن الوضاع كان يشعر بهشاشة تلفيقه ووضوح كذبه فيستر كذبه وراء هذه الأيمان الغليظة.
خامسا: عادة (وليس دائما) تكون الروايات الصحيحة قصيرة المتن بينما يغلب على الوضاعين الإطالة في رواياتهم الملفقة.
سادسا: ما وجدنا أميرا أو قائدا فاتحا من قواد السلف الصالح ابتداء من سيدنا خالد رضي الله عنه، ووصولا إلى الجراح بن عبد الله الحكمي وغيرهما إلا وتهافت الوضاعون على كيل الاتهامات نحوه- وخاصة إذا كان شديدا على الخوارج وأهل البدع.
سابعا: الأعداد المذكورة في الروايات المكذوبة مبالغ فيها جدا فلو كان عدد الجيش ألفا في الأصل لوجدت الألف صار عشرين ألفا وهكذا، وكذلك تبالغ الروايات المكذوبة في إحصاء عدد القتلى وعلى سبيل المثال لا الحصر فإن الروايات التي لا تصح عن واقعة الحرة تذكر أن أعداد القتلى كان بالآلاف بينما لم يتجاوز عددهم الخمسمئة أضف إلى ذلك فإن في متونها قصورا وفجوات وهفوات ونكارات فكيف بآلاف القتلى في المدينة التي عرفت بجوها الحار ولم تكن يومها ثلاجات حفظ الموتى موجودة أقول فكيف لم تتعفن هذه الجثث علما بأن هذه الروايات تذكر أن المدينة استبيحت ثلاثة أيام وأن أهلها الباقون قد فروا
Sayfa 58