الشروط والضوابط المنهجية لكتابة التأريخ الإسلامي
أولا: التأكيد على ضرورة ملاحظة ملامح التفسير الإسلامي للتأريخ من جهة والقيم الأساسية التي يتمخض عنها تحليل التأريخ الإسلامي نفسه في توجهاته الشمولية من جهة أخرى (¬1).
لا أكون مغاليا إذا قلت إن أول من أبان عن معالم التفسير الإسلامي للتأريخ هو العلامة ابن خلدون -وإن لم يستعمل هو هذا المصطلح- وبلغت تلك المعالم أوجها في كتابات الأستاذ عماد الدين خليل سواء كان من خلال كتابه القيم التفسير الإسلامي للتأريخ أو من خلال كتابه حول سيرة عمر بن عبد العزيز وعشرات الكتب والمقالات كتبها حول هذه المسألة ولعل الأستاذ عماد الدين خليل أوجز أهمية التفسير الإسلامي للتأريخ بقوله:
من خلال نظرة شمولية إلى التاريخ الإسلامي في مساراته ومصائره يبدو ذلك الاتصال الوثيق بين المسببات والأسباب، ذلك التلاحم المحتوم بين المقدمات والنتائج، إنها النواميس والسنن التي حدثنا عنها الله سبحانه في كتابه المبين.
ولقد أخطأ كثير من المؤرخين في فهم وحدة هذا التأريخ وطبيعة نسيجه ذي الخيوط الواحدة، أخطؤوا لأنهم نظروا إلى هذا التاريخ نظرة تتسم بالتجزيئية والمباشرة والتقطع حينا، وبقياس التحولات بمقاييس التغير الدائم في الأسر الحاكمة حينا آخر، دون أن يأخذوا بنظر الاعتبار حركة المجتمع الإسلامي ووحدته وصيرورته التي كانت تجد في قيم الإسلام ومبادئه ومثله مراكز ثقلها وضبطها، ومؤشرات تمخضها الدائم عن المزيد من الوقائع والأحداث (¬2).
قلنا: ولقد تحدثنا عن بعض أصول التفسير الإسلامي للتأريخ في ثنايا
Sayfa 43