سيدتي إني امرؤ شاعر
آخذ من حسنك ما أنظم
تلهمني عيناك معنى الهوى
فكل ما أقوله ملهم
قد كنت أرجو منك لي رحمة
لكن قلوب الغيد لا ترحم
قال الفقيه: المجاملة تقضي بمدح الأبيات والحق يقضي بنقدها، فأي الحكمين أحب إليك؟
قال الشاعر: حكم الحق.
قال الفقيه: هذه أقوال ليست بعصرية، وللعصر العشرين ذوق خلاف ما كان بالعصور الماضية، هلا قلت مثل إسكندر سومي الفرنسوي - وقد توفي منذ نصف قرن - في قصيدته التي سماها الفتاة المسكينة: «أنظر إلى الحجر حيث تفجرت آلامي، ألتمس آثار المدامع التي ربما أراقتها عليه أمي عند تركي.» هلا قلت كما قال أندره شينييه في قصيدته التي سماها الصبية الأسيرة: «لئن مرت أيام فربما حلت أيام، فواأسفاه، أي شهد لم يمج مذاقه وأي بحر لم تهج أمواجه؟» هلا قلت مثل لا مارتين في قصيدته التي خاطب بها البلبل: «وهذا الصوت الغريب الذي أسمعه أنا والأملاك، وهذا الزفير الخالص في الليل. هما من معانيك أيها الطائر المطرب.» فلم لا تقولون أيها الشعراء مثل هذه المطربات؟
فأكبرنا الرجل وزاد في عيوننا هيبة، وقلنا: فقه وأدب، هنا والله ما تقر به الأعين. وتركنا الشعر وانتقلنا إلى غيره، فما فتح أحدنا بابا في علم يعلمه من طب وحكمة إلا نفذ منه ذاك الفقيه، فأفاد وأجاد، فداخلنا الريب في حقيقته، وأخذ كل يسر إلى من بجانبه ما يراه في الرجل، فقلنا نستنطقه في علمه الذي هو الفقه، ونستفتيه في أشياء ربما كنا غير عارفين بحقائقها، وإذا كان هذا قدره في أمور لم ينقطع إليها، فكيف به في ما هو منقطع إليه؟ فقلنا له: أتأذن لنا في استيضاح ما أشكل علينا من أمور الدين؟
Bilinmeyen sayfa