قالت الجريدة في مستهل كلامها بعنوان «العهد الجديد»:
يستقبل العراق اليوم عهدا جديدا نأمل أن يكون ميمونا، ويجتاز ظروفا صعبة نرجو أن تكون مباركة، ويعبر في طريقه أحداثا خطيرة الشأن، فواجب الأمة وواجب أحزابها وجماعاتها وصحافتها أن توحد صفوفها، وتقف قوية حيال مشاكلها الكثيرة، وتكون رشيدة إزاء مواقفها الدقيقة، لذلك بعث «حزب النهضة» نفسه وهب للجهاد، ولذلك نهض معلنا خطته في معالجة قضايانا السياسية وحل ما يمكن حله منها، وقد وضع نصب عينيه المسائل التالية: ...
وصارت جريدة حزب النهضة تذكر القضايا الراهنة، قضية قضية، مبتدئة بالمفاوضات الدائرة بين ممثلي الحكومتين العراقية والبريطانية في لندن، فانتقدت «النهضة» كتمان هذه المفاوضات وإخفاء الوزارة العراقية أسس تعديل المعاهدة التي يتفاوض بشأنها، وأسمت كل ذلك تخرصات، وقالت: إن سياسة الحزب تجاهها الصمت والحذر والانتباه، وزعمت أن الوزارة القائمة واهنة وتحتاج إلى الثقة، فكيف تقوم بالمفاوضة وقد ألحفت مطالبة الحكومة بنشر بيان يعرب عن الأسس التي تدور حولها المفاوضة ليطمئن الشعب.
أما قضية الجيش والتجنيد الإجباري فقد صرحت برأي حزبها فقالت: «إن مبدأ الحزب أن الاستقلال الموفور الكرامة إنما يحميه جيش لجب يحمل شرف الدفاع، ولكن الوضع السياسي الحاضر جعل مقدرات جيشنا كسائر مقدرات البلاد بين يدي ظروف قاسية، وهذا الوضع الاستثنائي وهذه الأحوال الشاذة هي التي صيرتنا نشك كثيرا ونرتاب كثيرا في النتائج التي يلتمسها الشعب من جيشه، فما دامت المؤثرات الخارجية هي الحاكمة المهيمنة، وما دامت الأهواء والأغراض تلعب في المصالح العامة، فلا يمكن تطبيق «الجندية الإجبارية».»
ومما يلاحظ أن جريدة «حزب النهضة» ثابرت على معالجة موضوع «التجنيد الإجباري» بهذه النزعة، مما سلم لخصوم تكوين الجيش الوطني سلاحا يشهرونه في وجه طالبي التجنيد الإجباري.
وكان سير الجريدة ينم عن اعتناق مبادئ تتصل بحرية الفكر والمطالب الاستقلالية؛ لأننا وجدناها تحمل على الحكومة حملة شعواء لتعطيلها جريدة إبراهيم صالح شكري المسماة «الزمان»، مع أن «الزمان» وقفت من «النهضة» موقف المخاصم؛ لما تكتبه عن المفاوضات الدائرة حول المعاهدة في لندن. وقد وصفت الجريدة «الزمان»، وهي خصيمتها بأنها «شيخة الصحف الوطنية» في عاصمة الرشيد ولسان الأحرار الناطق في الرافدين.
ولم يكن للنهضة رئيس تحرير معلن اسمه في ديباجته، إلا أن جماعة من الكتاب القديرين كتبوا فيها، بينهم باقر الشبيبي ومحمد عبد الحسين وعلي الشرقي ويوسف رجيب، ومن نماذج كتابتها التي توضح أسلوبها قولها في مقال عنوانه «يفتضحون»:
1 ... جاز عندهم الكذب فكذبوا على الله وكذبوا على الحقيقة والتاريخ. ... تاهوا فلم يحسبوا للمستقبل حسابه، ولم يلتفتوا لما أضمرته الأيام للمارق الخئون، وما حملته بين طياتها من النقمة والعذاب، وخالوا أن ساعة الحساب بعيدة، وأن روح التساهل الذي تلبس به الشعب وخلوده إلى السكينة كفيلان باجتياز هذه السبل بسلام وطمأنينة. وقد جهلوا نفسية الأقوام وروحية الشعوب إذا تمخض فيها الغضب، وإذا تصاعد من قرارها حب الانتقام والتشفي من الظالمين القساة.
وقد تعرضت صحيفة «حزب النهضة» لنقمة الحكومة في قيامها بواجبها الحزبي والصحافي، وبسبب جرأتها وصراحتها، فسيقت إلى المحاكم مرات وحكم على مديرها المسئول ومحررها بالغرامات، فلم تنثن عن المضي في سبيلها عالية الصوت.
ومن مأثور مواقفها الحملات العنيفة على الوهابيين في حوادث فيصل الدويش، وتمزيقها تهاويل المستر فلبي في جريدة «الديلي نيوز»، ومهاجمتها الحركة الانفصالية التي أثارها بعض المسيرين من الأجنبي في البصرة، ناعتة فعلتهم «بالخيانة العظمى»، وقاومت «امتياز اللطيفة» الزراعي لما عرض على مجلس الأمة.
Bilinmeyen sayfa