رفع الإدارة العرفية العسكرية والأحكام الكيفية التي أناخت على الشعب العراقي منذ الاحتلال حتى الآن؛ لتتمكن الأمة من التفاهم مع السلطات بكل حرية واطمئنان. (6)
رفع المحاكم العسكرية والقضاة العسكريين والقوانين التي رتبت أخيرا، وتطبيق القوانين الجزائية والحقوقية السابقة «بمقتضى نظامات الاحتلال أيضا.» (7)
الإسراع في الانتخاب الحر وتشكيل المؤتمر العام من دون مداخلة رجال الاحتلال، وبدون أي تضييق على أفكار الأهالي بخصوص الانتخابات، هذا ما طلبه الشعب العراقي وسيواصل الطلب بكل إلحاح؛ لأنه يعتقد أنه لا يمكن أي مفاوضة تؤدي إلى التفاهم ما لم تنفذ هذه المواد السبع.
فلما صدر هذا العدد وكان له تأثيره المدوي في المجتمع والشعب في هزة من عودة المنفيين الأحرار عطلتها السلطة، ولم تتجاوز العدد السادس والأربعين بعد، وهذه مرحلة فذة في تاريخ جريدة «الاستقلال» قامت عليها شهرتها ومنزلتها بعد ذلك، ولم تكتف إرادة المحتلين بتعطيل الصحيفة، بل أوقف مديرها وأحد عشر رجلا آخر بينهم محررها وزملاؤه، وبعد مدة قصيرة أطلق سبعة من هؤلاء الموقوفين ونفي اثنان منهم، وحكمت المحكمة على الباقين وهم: صاحب الجريدة عبد الغفور البدري بالسجن لمدة سنة ورئيس تحريرها قاسم العلوي بالحبس ستة أشهر ومحمد مهدي البصير من محرريها بالسجن تسعة أشهر، كما قررت المحكمة تعطيل الجريدة سنة كاملة.
وقد عبرت كرترود بيل في رسالتها إلى أبيها المؤرخة في 13 شباط (فبراير) سنة 1921 عن انهماك السلطة الإنكليزية في بغداد ذلك الأسبوع وتعبها في هذا الحدث، واعتبرت القائمين بجريدة «الاستقلال» مهيجين، وروت أن قد حصل نقاش في موضوع تعطيل الجريدة، وارتأى السر برسي كوكس أن تقوم وزارة الداخلية - في الحكومة العراقية المؤقتة - بذلك، وعدت العملية قد نجحت نجاحا تاما.
هذه هي الجريدة البغدادية التي غذت حركة الثورة في العاصمة والمدن الأخرى، وكانت مؤثرة في الأفكار العامة. وهكذا استطاعت الأحزاب الوطنية التي تعمل في الخفاء أن تنجح في مشروعها الصحفي الأول.
جريدة الفرات
أما في ميدان الثورة نفسها، وفي مركز قيادتها النجف الأشرف، فسبق لباقر الشبيبي الكاتب الشاعر ومن الساسة المشتغلين بالقضايا الوطنية والقومية أن أنشأ جريدة باسم «الفرات»، بمعنى أنها تصدر في البقعة التي تتقد فيها الثورة.
وكان القائمون بالثورة ومنظموها أرادوا أن يتوسلوا بالصحافة لبث روح التآلف وتشجيع الثوار ونشر أخبارهم وإرسال النصائح والإرشاد إليهم، كما تقوم صحفهم بنشر مساوئ الاستعمار وأعمال البريطانيين في العراق.
شرعت «الفرات» في أداء واجبها في 15 أيلول (سبتمبر) 1920 غرة محرم 1339ه مطبوعة في إحدى مطابع النجف. أما ورقها فمما سيطرت عليه حكومة الثورة من الطاغية المعدة لطبع الكتب هناك، اعتبرت «الفرات» لسان الثوار تفصح عن آرائهم وتشرح تعاليم الحركة الاستقلالية، ولم تقتصر على آراء رجال السياسة وشيوخ القبائل، بل عدت مجالا لنشر آراء العلماء المجتهدين من أقطاب الدين وفتاواهم وخطبهم في اليوم الأحمر، وبدت الجريدة بلهجة صارخة وكتبت بدم القلب لا بحبر القلم، وحصرت بحثها في الشئون السياسية وكتابة المقالات الاستفزازية وإذاعة الخطب التي تلقى في محافل الثورة في القرى، بينها خطب الحاج الشيخ عبد الواحد سكر وغيره من الزعماء.
Bilinmeyen sayfa