368

Safwat Casr

صفوة العصر في تاريخ ورسوم مشاهير رجال مصر

Türler

والغريب في أمر الفقيد العظيم انصرافه إلى إتقان الصنائع التي تعاطاها كانصرافه إلى إتقان زراعة أطيانه الواسعة بنفسه، فهو نابغ في الصناعة والزراعة معا، ولا عجب إذا نمت ثروته نموا كبيرا، ونال مواطنوه بواسطته الخير الكثير، ولقد قسم صاحب الترجمة معامله الكائنة ببندر المنصورة دقهلية إلى معمل لصناعة الحلوى وآخر للدقيق وثالث لحلج القطن ورابع للأرز، وزائر هذه المعامل يدهش لإتقان هذه المعامل فيما يصنع من الملبس على اختلاف أنواعه، والنوع المعروف باسم «فوندان» على أشكاله وأنواعه الحلقوم بأصنافها.

وما يخرجه معمله من هذه الأنواع لا ينقص في لذته وجمال صنعه عما يرد من أشهر معامل أوربا، وربما زاد عليها بنقاء المواد التي يصنع معها، وقد نشتري من المحال الأوربية من هذه الأنواع وندفع الأثمان الغالية، ونحن نحسب أنها صنعت في أوربا مع أن حقيقتها أنها من صنع هذا الوطني النشط النابغة، وما نقوله عن الحلوى نقول مثله عن الدقيق، فإن ما يصدر منه من معمل الشناوي لا يقل في نعومته ونقاوته عما يرد من أشهر وأكبر المعامل الأوربية، ويزيد أنه خال من كل غش بمادة غريبة، وكذلك القول في القطن المحلوج والأرز المدقوق اللذين يصدران من معمل الشناوي بإتقان غريب وصنع عجيب، وعدا ذلك ففي معامله أيضا معاصر خاصة لزيت السيرج والطحينة من أنقى وأنظف المعاصر.

والذي زادنا إعجابا بهذا الراحل العظيم أنه كان مع حضرات أنجاله النجباء، يديرون أعمال هذه المعامل والمعاصر بأنفسهم، وقد خبروا أسرار صنعها ونبغوا فيها وقد أذكرنا اهتمامهم هذا بما نقرأه عن تراجم مشاهير المثرين من رجال الغرب، تغمده المولى برحمته الواسعة وبارك في حضرات أنجاله الكرام.

وللفقيد العظيم صاحب هذه الترجمة مقام ممتاز ملؤه الاحترام والإجلال لدى مواطنيه؛ لما عرف به من الكرم والنزاهة والاستقامة والإخلاص في النصيحة وسداد الرأي؛ ولذلك كان يعول عليه مديرو الدقهلية ويرجعون إلى آرائه السديدة في إدارة مديريتهم لهذا النبيل، ويعول على آرائه في كثير من الشؤون التجارية وغيرها، وقد نالت مديرية الدقهلية منتهى الرقي بفضل عظيم آرائه السديدة وفرط ذكائه.

والذي يجب التنويه إليه عن خصال هذا الفقيد الجميلة، ويخلد لسعادته بالشكر والثناء أنه على جانب عظيم من العطف المتناهي نحو البؤساء الذين أخنى عليهم الدهر بنابه، وطالما مد يده البيضاء لمواساة الفقراء، وأنقذهم من مخالب الفاقة وقد شب أنجاله الكرام على هذه الصفات السامية المحمودة، ولا غرابة في ذلك فمن شابه أباه فما ظلم.

صفاته وأخلاقه

ومن الصفات العالية التي امتاز بها هذا الفقيد العظيم والمشهورة عنه الحزم، وقوة الإرادة، والنشاط والإقدام في العمل مع الذكاء، ولين الجانب، واللطف، وقد انتقل إلى جوار ربه طيب السيرة، نقي السريرة محبوبا من الجميع.

أسكنه الله فسيح جناته، وأسكب على قبره شآبيب الرحمة والرضوان وأطال حياة أنجاله الكرام.

ترجمة حضرة صاحب العزة الشهم الجليل والسري الكبير نصيف بك حنا ويصا

مقدمة للمؤرخ

Bilinmeyen sayfa