وصف تشييع الجنازة
لبست المنيا كلها الحداد على فقدها رجلها العظيم المغفور له، وغص بندرها بالعمد والمشايخ والتجار والأعيان الوافدين من جميع بلدانها إليه للتعزية والاشتراك في تشييع الجنازة، وجاءت القطارات الخاصة من القاهرة مكتظة بالعظماء والأعيان والأصدقاء الوافدين لهذا الغرض نفسه.
وتفضل عظمة السلطان حسين «رحمه الله وأسكنه فسيح جناته» فأناب عنه في تشييع الجنازة حضرة صاحب العزة محمود نصرت بك مدير المنيا وقتئذ، وفي حضور المأتم حضرة عباس الدره مللي بك الأمين الثاني في الديوان العالي في ذاك العهد، وأمره بإبلاغ آل الفقيد أرق عبارات التعزية.
هذا وقد شيعت جنازة الفقيد باحتفال مهيب جدا تحيط بالنعش عساكر البوليس السواري والبيادة، وتتقدمه الموسيقى الأميرية بأنغامها المحرنة، وأرسلت السلطة العسكرية فرقة من جنودها البريطانيين للاشتراك في تحية الراحل العظيم، وسار في الجنازة وجوه وذوات وعمد وموظفو مديرية المنيا، والجهات المجاورة، ووصل إلى المنيا سعادة شعراوي باشا (رحمه الله) فسار وأسرة الفقيد علي بك إسماعيل ومحمد بك إبراهيم وفؤاد بك سلطان وتوفيق بك إسماعيل وغيرهم من أفراد عائلة سلطان باشا، وأغلقت التجار حوانيتها ووضعت شعار الحداد عليها، وقد نحرت الذبائح الكثيرة ووزعت الصدقات على الفقراء والمساكين، الذين نكبوا في أكبر المحسنين، وعاد القوم والحزن يفتت الأكباد على الفقيد العظيم الذي فقدت به البلاد المصرية ركنا قويا.
وقد أوقفت المدرسة الأميرية حفلتها السنوية للألعاب الرياضية، وكذا جميع الحفلات الرسمية والأفراح في عموم المديرية حدادا على فقيد البلاد الكريم.
رثاء الشعراء
وما كاد هذا النبأ العظيم يصل إلى مسمع الكتاب عامة والشعراء خاصة، حتى قاموا برثاء الفقيد الكريم ووصفوا شمائله الغراء وأياديه البيضاء وأعماله الجليلة ومناقبه الفريدة، ومنها قصيدة عصماء لفقيد الشعر والشعراء المرحوم عبد الحليم المصري شاعر جلالة الملك فؤاد الأول قال رحمه الله:
أأنذرتم باحتباس المطر
ربى مصر لما نعيتم عمر
أتعمون غير مضاء الحسام
Bilinmeyen sayfa