تفتح النافذة بالكامل حتى يشوش تيار الريح البارد على أي شيء ربما يريد أن يقوله.
يقول: «أريد أن أعتذر عن التعليقات الشخصية التي بدرت مني.»
ترد: «لم؟ هذا صحيح. مؤخرتي كبيرة.» «لا.»
تقول: «بل هي كذلك.» في نبرة ختامية صادقة يائسة. يخرسه ذلك بضعة أميال، حتى يستديرا عبر طريق المستنقع ويقودان عبر الأشجار. «إذا كنت تظنين أن ثمة إبرة في الدرج، فهذا غير صحيح.»
ترد: «ليس من شأني على الإطلاق أن أعرف ما كان في الدرج.» «كل ما كان هناك هو بعض المسكنات والمهدئات وبعض الحشيش.»
تتذكر شجارا مع كورنيليس، شجارا كاد أن يفضي إلى فسخ خطبتهما. لم تكن هذه هي المرة التي صفعها على وجهها فيها لتدخينها الماريجوانا. استطاعا تجاوز ذلك سريعا. لم يكن الأمر يتعلق بأي شيء في حياتهما. كانا يتحدثان عن رجل كان كورنيليس يعمل معه في المنجم، وزوجته وطفلهما المعاق ذهنيا. قال كورنيليس: إن هذا الطفل كان متخلفا، وكان كل ما يفعله هو التحدث بكلام غير مفهوم في مكان منعزل بأحد أركان غرفة المعيشة والتبرز في بنطاله. كان الطفل يبلغ من العمر ستة أو سبعة أعوام، وكان ذلك هو كل ما كان يفعله. قال كورنيليس إنه يعتقد أن أي شخص لديه طفل كذلك له الحق في التخلص منه. قال إن ذلك ما كان سيفعله. لا مراء في ذلك. هناك طرق كثيرة يمكن من خلالها عمل ذلك والإفلات من العقاب، وراهن أن كثيرا من الناس يفعلون ذلك. تشاجر هو وبريندا شجارا عنيفا حول ذلك، لكن طوال وقت جدالهما وعراكهما كانت بريندا تشك في أن هذا شيئا لم يكن كورنيليس ليفعله حقيقة. كان شيئا عليه أن يقول إنه سيفعله. يقوله لها. بالنسبة إليها، كان عليه أن يصر أنه سيفعل هذا، وهو ما جعلها تغضب أكثر منه مما لو كانت تعتقد أنه صادق تماما ومباشر بشكل قاس فيما يقول. أرادها أن تناقش معه هذا الأمر. أراد أن يرى اعتراضها، رعبها. ولم ذلك؟ يريد الرجال أن يختلقوا أمورا من لا شيء، مثل التخلص من طفل معاق ذهنيا، أو تعاطي المخدرات، أو قيادة السيارات بسرعة وطيش شديدين. ولم ذلك؟ حتى يتباهوا بإظهار طبيعتهم القاسية المصطنعة إزاء طيبتك الأنثوية الغضة؟ حتى يستسلموا لك في النهاية متبرمين، ولا يكون عليهم أن يتظاهروا بالسوء والطيش بعد ذلك؟ مهما كان من أمر، فأنت تسأمين من ذلك.
في حادث المنجم، كان من الممكن أن يسحق كورنيليس حتى الموت. كان يعمل في الدوام الليلي عندما وقعت الحادثة. يحفر قطع سفلي في الجدران الكبيرة للصخور الملحية، ثم تحفر ثقوب لوضع المتفجرات فيها، ثم تركب وصلات المتفجرات؛ حيث يقع انفجار كل ليلة قبل خمس دقائق من منتصف الليل. تتفكك شريحة الملح الهائلة، لتبدأ رحلتها إلى السطح. رفع كورنيليس في قفص في نهاية ذراع رافعة. كان عليه أن يزيل المادة المتكسرة الموجودة على السقف ويثبت الوصلات في مكانها من أجل تنفيذ عملية التفجير. حدثت مشكلة في أدوات التحكم الهيدروليكية التي كان كورنيليس يشغلها. توقف كورنيليس في مكانه، وحاول إعادة تشغيلها لكن تيارا زائدا تسبب في جعله يندفع في قوة إلى الأعلى، بحيث رأى السقف الصخري يطبق عليه مثل غطاء. خفض رأسه، وتوقف القفص، وصدمه نتوء صخري في ظهره.
كان كورنيليس قد عمل في المنجم مدة سبعة أعوام قبل هذه الحادثة، وكان بالكاد يتحدث إلى بريندا عن طبيعة العمل فيه. ها هو الآن يخبرها. يقول: إن هذا عالم قائم بذاته، كهوف وأعمدة، تمتد أميالا تحت البحيرة. إذا دخلت ممرا لا توجد معك آلات تضيء الجدران الرمادية - الهواء المليء بالغبار الملحي - وأغلقت مصباح الرأس، فستعرف معنى الظلام على حقيقته؛ الظلام الذي لا يراه الأشخاص الموجودون على سطح الأرض أبدا. تبقى الآلات في الأسفل إلى الأبد. يجري تجميع بعضها في الأسفل، تؤخذ إلى الأسفل في أجزاء، ويجري تركيبها جميعا بالأسفل، وأخيرا، يجري فحصها جيدا للحصول على الأجزاء الصالحة للاستخدام فيها قبل خروجها من الخدمة، ثم يجري وضعها في ممر مغلق، والذي يعد بمثابة مقبرة لهذه الآلات. تصدر هذه الآلات ضوضاء هائلة عندما تعمل، وتشوش الضوضاء التي تصدر عنها وعن مراوح التهوية على أي صوت إنساني. والآن توجد آلة جديدة تستطيع القيام بما ذهب كورنيليس في القفص لعمله؛ تستطيع تلك الآلة تنفيذ العمل بمفردها، دون تدخل من إنسان.
لا تعرف بريندا ما إذا كان يتوق إلى العمل بالمنجم. إنه يقول لا. يقول إنه لا يستطيع النظر إلى سطح الماء دون أن يتصور كل شيء تحته، وهي أشياء لا يستطيع أحد لم يرها أن يتخيلها. •••
يسير نيل وبريندا بالسيارة تحت الأشجار، حيث لا تكاد تشعر بالرياح على الإطلاق.
Bilinmeyen sayfa