فسئل عن ذلك فقال: إني أحفظ نفسي من أعدائي. قال أبو سليمان: إن كانوا عندك أصدقاء فما أقر عينك بهم لأنك محفوظ فيهم، وإن كانوا غير أصدقاء فما وجه فكرك فيهم.
وقال الشاعر:
تود عدوي ثم تزعم أنني ... صديقك، ليس النوك عنك بعازب
وليس أخي من ودني رأي عينه ... ولكن أخي من ودني في المغائب
ومن ماله مالي إذا كنت معدمًا ... ومالي له إن عض دهر بغارب
فما أنت إلا كيف أنت ومرحبًا ... وبالبيض رواغ كروغ الثعالب
قيل لبزرجمهر: ما بال معاداة الصديق أقرب مأخذًا من مصادقة العدو؟ قال: لأن إنفاق المال أهون من كسبه، وهدم البناء أسهل من رفعه، وكسر الإناء أيسر من إصلاحه.
قال أبو سليمان: لم يعمل شيئًا في الجواب لأنه ماثل مسألة السائل بمسألة مثلها، فلو سأله السائل عن هذه كلها ما كان جوابه، ثم أجاب هو بكلام لا يدخل في هذه الرسالة لأنه من الفلسفة التي هي موقوفة على أصحابها لا نزاحمهم عليها، ولا نماريهم فيها.
وقال الشاعر:
إذا المرء لم يطلب معاشًا لنفسه ... شكا الفقر أو لام الصديق فأكثرا
1 / 63