90

Kitaplar Arasında Saatler

ساعات بين الكتب

Türler

وفلسفة الملابس أين هي في شذرات كهذه تلتقطها من هنا وهناك، وتلخصها كلها في قوله طورا: «إن المجتمع بني على الملابس ...» وقوله تارة أخرى: «إن المجتمع ليسبح في فضاء اللانهاية على الملابس، كأنه سابح على بساط سليمان، ولولا هذا البساط لسقط في أعماق الهاوية وعالم الفناء» أو في قوله: «تأمل أي معان جليلة تنطوي عليها ألوان الملابس، فمن الأسود القاتم إلى الأحمر الوهاج، أي خصائص روحانية وصفات نفسانية يكشفها لك اختيار الألوان، فإذا كان التفصيل ينبئك عن طبيعة الذهن والقريحة، فإن اللون ليخبرك عن طبيعة القلب والمزاج ...» وإنه ليجد حينا ويمزح حينا ولكنه لا ينتظم في حين من الأحيان، ولا يمشى بك خطوتين على طريق إلا عدل بك إلى طريق غيره على عجل، كأنه سائح واسع الخبرة والسياحة، ولكنه سريع الملل غريب الأطوار.

وللملابس ولا شك فلسفة لم يبسطها كارليل في هذا الكتاب، فهل نعود إليها في مقال تال لتفصيلها وضم حواشيها؛ يجوز! ولكننا لا نرى بأسا من الإلمام بها في هذا المقال الذي يتقاضانا عنوانه شيئا من تلك الفلسفة وإلماعا إلى هذا الموضوع! وبحسبنا منه الآن ما يبرر العنوان ويحتقب بعض الوشائع والألفاق فنقول، كما يقول الأكثرون: إن غرض الملابس الأول هو الزينة لا المنفعة وإن الملابس خلقت لإظهار جمال الجسم لا لستره، ولإخفاء القبيح منه لا لإخفاء الجميل، ثم نقول إن الملابس فيما يخال الأكثرون تعين على العصمة والعفاف، ولكن كتابا قليلين يعدونها مجلبة لبعض الفساد ومعوانا على بعض الغواية، فهي التي عودتنا أن نعتز بالجمال المموه، ونعرض عن الجمال الصحيح، وهي التي جعلت للجسم نجاسة تحجب وتشتهى وغطت على ما فيه من معاني الفن ومحاسن الهندام، ولو تعرى الناس لبحثت في كل ألف امرأة ينظر إليها الناظرون الآن لصبغة وجهها وتنسيق حليتها، فلا تجد امرأة واحدة يتم لها هندام الجسد وتناسق الأعضاء، وتستحق منك نظرة الفنان البريء إلى التمثال الجميل، ثم لو تعروا لبقيت نماذج الأجسام المليحة، وزالت تلك النماذج الشوهاء التي تتوارى من الفناء في ثنايا الثياب، وتحتمي منه بجاه الأصباغ والأزياء، فالعري خير من لباس يستر ليغري، ويداري قبح القبيح ولا يظهر جمال الجميل، والثوب على ما نراه الآن خدعة شائنة لا هو بالوقاية الصالحة ولا هو بالزينة التي تعف عن الإغواء، وقد كان الناس ينظرون الأجسام فلا يلتفتون منها إلى جوانب الشهوة، ولا يغرمون منها إلا بالوسيم القسيم، فلما تدثروا باللباس اشتهوا ما يشتهى وأضراهم الحجاب بما كانوا عنه معرضين.

كذلك يقول القليل من الناس، وإن في مقالهم لنصيبا من الحق غير قليل.

ماكيافيلي1

نقولا ماكيافلي السياسي الإيطالي المشهور وصاحب كتاب «الأمير» الذي رمى فيه إلى فصل السياسة عن الفضائل. - ما رأيك؟ إن كنت قد سمعت!

كان السيد نيقولا يسأل هذا السؤال بلهفة، فأجابه ليوناردو:

2

إنني لم أسمع شيئا، وإنني لسعيد بأن أراك. قل لي، أرجوك.

فأجابه ماكيافيلي: إلى الطريق الآخر، ثم مضى به في زقاق بعد زقاق يعلوها الثلج إلى حي مهجور في جيرة الشاطئ، ودخل به إلى كوخ حقير تأوي إليه أرملة رجل كان يصنع السفن، وهو المكان الوحيد الذي وجده خاليا لسكنه في المدينة، فأوقد شمعة، وأخرج قنينة خمر من جيبه فضرب عنقها في الحائط، وجلس قبالة ليوناردو ونظر إليه وعيناه تسطعان، ثم قال في تؤدة ورزانة:

إذن لم تسمع أن أمرا خطيرا نادرا قد حدث! إن قيصر قد ثأر لنفسه من خصومه وقبض على المتآمرين، إن أولفرنو وأرسيني ينتظران الآن حكم الموت، وتراجع في كرسيه ينظر إلى ليوناردو ويغتبط بدهشة، ثم تكلف السكينة وقلة التأثر، وأخذ يصف الفخ الذي نصبه قيصر لخصومه في «سنيجاجليا» ويقص على زميله كيف استدرجهم قيصر إلى لقائه، ثم قابلهم وعانقهم، وناداهم باسم الأخوة والمحبة، ثم جاء بهم إلى القصر، فما هو إلا أن دخلوه حتى تكنفهم الجند من كل صوب، وشدوا وثاقهم، وأودعوهم في زاوية منه، ريثما يقضي عليهم في تلك الليلة.

Bilinmeyen sayfa