Kitaplar Arasında Saatler
ساعات بين الكتب
Türler
وقال جيرالد جولد الناقد: إنه يتكلم باعتباره كاتبا ناقدا فيقول: إن للنقد الإنجليزي اليوم منزلة عالية، وإن الغبن الذي يلقاه بعض المؤلفين عن حقد أو حماقة لا يذكر إلى جانب ما قد يحف بهم من الفهم والسخاء.
وقال نورمان أونيل الموسيقي: «كان أقوم الانتقادات التي تلقيتها على أعمالي ما جاءني من قبل إخواني الموسيقيين، ولكنني أقول إن التقدير هو الماء والغذاء لمعظم الفنانين.»
وقالت السيدة أ. دوجلاس: إنها لولا مقال تقريظ قوبلت به أولى رواياتها لكان أكبر ظنها أنها ما كانت لتثابر على الكتابة.
وقال سسل روبرتس الناقد: «أجترئ على أن أقول بلا تلعثم أن ليس للنقد أية قيمة ما لم يكن مشفوعا بثناء، وأنني قد جربت في النقد على أن أدع الكتاب وشأنه، إن لم يكن في طاقتي أن أقول فيه كلمة طيبة بين ثنايا المراجعة.»
هذه آراء طائفة من أشهر الفنانين في البلاد الإنجليزية يجنح أكثرها إلى جانب الثناء، ويستصغر أثر النقد في الابتكار والتشجيع، وأصوبها على ما أعتقد هو رأي ملن الذي قال: «إن النقد الوحيد الذي قد يساعد المنقود أية مساعدة، هو ما يجيء من ناقد أقام الدليل على أنه يألف شخصية المؤلف وأسلوبه ونظرته إلى الحياة، ثم هو يأسف لأن ذلك المؤلف قد تخطى شخصيته في هذا الموضع أو ذاك.»
فليس المؤلف المطبوع بحاجة إلى الثناء ولا إلى النقد، ولكنه بحاجة إلى الألفة والفهم أو هو على الأصح بحاجة إلى المجاوبة والمجاذبة من النفوس التي تفهم طبيعته فهم وفاق أو فهم خلاف، فقد تكون أنت على خلاف طبيعته في أكثر الأشياء، ولكنك إذا فهمته وجاذبته الرأي أيقظت قواه، وأحييت ملكاته وأعنته على عرفان نفسه والإخلاص لسريرته، وربما كان هذا الخلاف أذكى وأجدى عليه وأظهر أثرا في التسجيع والتوليد من محض الثناء والإعجاب، فإنما حاجة الفنان أن يحس الحياة بكل جوانبها، وهو لن يحسها حق الإحساس ما بقيت نفسه مغلقة في غلافها لا تتصل بغيرها على وفاق أو خلاف، ولا يرى أثرها في النفوس على إعجاب وإنكار ولا تزال كلما أرسلت إلى الملأ برسول ذهب إلى حيث لا يرجع، أو رجع إليها مثقلا بالخيبة والكنود، فأما إذا هو اتصل بمن يوافقه فعرف نفسه مكررة في غيره أو اتصل بمن يخالفه فسبر قوته وراض دخيلة طبعه، فتلك هي المرانة التي تحييه وتستجيشه وتنقذه من شلل البطالة والجمود الذي يصيب القرائح والعقول، كما يصيب الأجسام والأعضاء.
فالنقد الصحيح هو الذي يفطن إلى شخصية المنقود، ويألف عيوبها كما يألف حسناتها ويطالبها بالأمانة لتلك العيوب، كما يطالبها بالأمانة لتلك الحسنات؛ وأجمل الإنصاف أن تصاحب المؤلفين الذين تتخيرهم على هذه الشريطة فترضى بخيرهم وشرهم، وتترقب آياتهم وزلاتهم وتماشيهم على خبرة بما يسرون به وما يسوءون، فإن أحسنوا فنعم ما فعلوا وإن أخطئوا خطأهم المألوف فقد تبتسم لهم كما يبتسم الصديق لصديق يثوب حينا بعد حين إلى لازمة فيه مضحكة أو شنشنة تعرفها من أخزم! وفي هذه الحالة قد تلذنا العيوب كما تلذنا الحسنات، بل قد نبحث عن تلك العيوب ونتحراها كما نستثير أحيانا لوازم أصدقائنا لنعبث بها في براءة وإشفاق.
لهذا يعيش بعض الشعراء مذكورا مألوفا بمائة بيت تروى له وتدل عليه، ولا يعيش غيره بعشرة دواوين تحفظها المكاتب والقراطيس؛ لأن الأول قد استطاع ان يدل على شخصه بأبياته المائة، فاقترب إلى النفوس وأصبح مفهوما عندها على الصداقة والإلفة التي تغفر الزلة وترضي كل خلة، ولم يستطع الآخر أن يكون صديقا مألوفا لقرائه، بل ظل صاحب أشعار وقصائد ليس إلا فخفي شأنه، وعاش أو مات بمعزل عن أولئك القراء.
ولكن كيف ترانا نهتدي إلى الفنان الذي يستحق منا الصداقة واغتفار العيوب؟ أترانا نصادق كل مؤلف، ونغفر كل عيب لأنه عيب! أم أن هناك غرضا نتوخاه قبل سواه من النقد والاطلاع؟ وماذا يكون ذلك الغرض الذي يحسن بنا أن نتوخاه؟
الجواب بديهي لا يطول بنا التنقيب عنه: إن النقد هو التمييز والتمييز لا يكون إلا بمزية، والطبيعة نفسها تعلمنا سننها في النقد والانتقاء حين تغضي عن كل ما تشابه، وتشرع إلى تخليد كل مزية تنجم في نوع من الأنواع، فسواء أنظرنا إلى الغرائز التي ركبتها في مزاج الأنثى أم إلى الغرائز التي ركبتها في مزاج الفنان - وهما المزاجان الموكلان بالإنتاج والتخليد في عالمي الأجسام والمعاني - فإننا نجد الوجهة في هذا وفي ذاك واحدة، والغرض من التخليد هنا وهناك على اتفاق، أما هذه الوجهة فهي الالتفات إلى المزية البارزة التي تظهر على غمار المتشابهات والمنكرات، وأما هذا الغرض فليس هو إلا حفظ المزايا وتخليد النماذج وتنويع الصفات، فالنقد الخالق هو النقد الذي يجري على سنة الطبيعة، أو هو النقد الذي يعنى بحفظ النماذج وتخليدها، ويعرض لنا «الشخصيات» التي تبرز في الحياة بعنوان جديد، وقد تكون مزية هذه الشخصيات أنها تريك الأشياء الدارجة كما هي بلا زيادة ولا تجميل، فلا تعجب لذاك ولا تحسبه تناقضا في مقاصد الطبيعة، فإن رؤية الأشياء الدارجة كما هي ليست من الدارج المألوف بين أصحاب الشخصيات والملكات.
Bilinmeyen sayfa