وأحيانا يحلو لصاحبك أن يمازحك. ولكن أي مزاح فيتلف لك أعصابك ويطير عقلك. لأنه يزيغ بصرك بكثرة عبثه «الظريف» ويا ويلك ممن يغضبه أن يرى نفسه مشفيا على الهزيمة فيعيث بيديه في الحجارة ويفسد نظامها وترتيبها، ويغلق الطاولة في وجهك، ثم يلويك ظهره أو جنبه، ويضع رجلا على رجل - أعني ساقا على ساق - وهو لا يبرطم بما لا يسرك أن تسمع، وقد ينهض ويتركك بلا كلام أو سلام.
ومن بلاء الطاولة أنها تجمع عليك الناس، ويندر أن يكونوا ممن تعرف، فتراهم قد التفوا بكما - والبعض جالس والبعض واقف ينظرون ولا يسكتون ليهون احتمالهم، بل يستجيدون أو لعبك يستضعفونه، بصوت مسموع، وقد يراهنون عليكما كأنما أنتما جوادان في ميدان السباق.
فتسمع أحدهم يقول «أنا أحط على هذا (ويشير إليك فما يعرف اسمك) ريالا. تجي يا ألفريد؟».
فتسمع ألفريد يقول «يكفي نصف ريال ...».
فيلتفت الأول إلى غيره ويقول «تجي يا جاك؟»
فيمط جاك بوزه ويقول: «لا ما يستاهل».
فتعلم أنك لا تساوي مليما في رأي جاك، وأنك من الجياد التي لا تستحق المخاطرة عليها بمال ولو قل.
ومن المستحيل أن يستطيع أحد أن يصف لعب الطاولة، وكيف كسب دورا أو خسره «ولكن بعضهم يتكلف ذلك ويحاوله ويقول لك كلاما لا يمكن أن تفهم منه شيئا، أو تعرف له مدلولا. وأمثال هذا ليس من سوى الإلحاح في المقاطعة، واللجاجة في إسكاتهم يما أقول أنا. يبدأ الواحد منهم وصفه الذي لا يصف شيئا فأشعر - سلفا - أن رأسي تحطم فأقول «اسمع.. حدث أمس شيء غريب».
فيقول «وبعد ذلك ضربته وهربت وسددت عليه..».
فأقاطعه وأقول «كنت راكبا الترام رقم 70 (وليس ثم ترام بهذا الرقم، ولكن هذا لا يهم لأن المراد هو أن أتكلم بأي كلام والسلام) فجاءت فتاة صغيرة لا شك أنها من تلميذات المدارس فقد كانت تحمل حقيبة..».
Bilinmeyen sayfa