حيث لا يوجد غير ثكنات عسكرية. مرت عدة موتوسيكلات، ثم سيارة نجدة تطلق صفارتها الحادة، ثم ظهر الموكب ومرت السيارة المكشوفة التي تجمع فيها الملوك والرؤساء العرب وقوفا ليردوا تحية الجماهير. انحنت المرأة أكثر لتتمكن من الرؤية جيدا، وانحنيت فوقها بالمثل. شعرت بدفء ساقها الممتلئة المشدودة. أخذت أتحرك فوقها متظاهرا بالرغبة في الرؤية الدقيقة، وكانت هي تتحرك بالمثل. تبلل وجهي بالعرق وأحسست برغبة في أن ألمسها بيدي. مرت آخر سيارة في الموكب، وعاد الركاب إلى أماكنهم. استأنفت السيارة سيرها، واعتدلت المرأة واقفة. ابتعدت عنها قليلا، وانتهز منافسي السابق الفرصة فدفعني جانبا واحتل مكاني. استندت إلى الحاجز وأشعلت سيجارة، وخلا مقعد بجواري فجلست وغادرت السيارة عند المستشفى. بحثت عن الأخصائي الذي سيراني. وجدت أنه لا يأتي قبل ساعتين. جلست أدخن أمام بابه حتى جاء. وقفت في الطابور، ثم أدخلوني عليه. تطلع في ورقتي وقال إنه لا يوجد أي إمضاء من شخص مسئول في الجريدة وإن الختم لا يكفي، ورفض أن يفحصني. انصرفت وأخذت الأوتوبيس عائدا. لم يكن مزدحما بما فيه الكفاية فغادرته في
العباسية . أخذت أوتوبيسا آخر. وقفت بجوار سيدة عجوز. بعد قليل اقترب مني رجل بجبة وطربوش وقرب يده من ساقي. لمحته يطبق يده في قبضة غير كاملة ثم يخفيها تحت كم سترته الفضفاض ويزحف بها فوق ساقي. تراجعت بعيدا عنه فلاحقني، فتركت المكان كله وراقبته من بعيد يكرر نفس الحركات مع الراكب الواقف بجواره. تابعت يده الممسكة بمسند المقعد المعدني وهي تنزلق فوقه إلى الحافة القريبة من ساق الراكب الآخر، ثم تترك الحافة وتتدلى متكورة في نصف قبضة أسفل الكم الفضفاض، وكان رأسه لا يكف عن الحركة في مختلف الاتجاهات ليطمئن أن أحدا لا يراه. التقت نظراتنا فحولت بصري بعيدا، ونزلت في محطة الجريدة. وجدت الطبيب قد انصرف. بحثت عن رئيس التحرير ليوقع بإمضائه فلم أجده، وقال
مصطفى
إنه سيرفض التوقيع لأنه يخاف من وضع اسمه على أية ورقة مهما كانت. وقال
زكي
إنه مفلس، وماذا سيفعل الآن بعد أن رفعوا الأسعار وخصموا منا التبرعات؟ وقال إنه تبرع بدمه هذا الصباح، وروى لنا آخر نكتة، وقال
مصطفى
إنه ذهب هذا الصباح إلى شقة أحد أصدقائه، وكانت هناك فتاتان وقد صورهما عاريتين، وأصرت واحدة على أن تأخذ خمسين قرشا إذا أراد أن يصورها من الخلف. وبعد أن صورها اكتشف أنه نسي أن يدير أحد الأزرار وأن الفيلم لم يسجل شيئا. وقال
سالم
إنه بدأ يتدرب على السلاح مع المتطوعين، وإن زوجته ستتطوع أيضا. وجاء
Bilinmeyen sayfa