أعطيت الصحة وحرمت من ثمارها، ولكن علي أن أحمد الله وأشكره على فضله دون تحفظ. هو المطلع على حرماني الطويل ووحدتي وهو الرحمن الرحيم. وقلت: لو كنت أعمق إيمانا لكنت أسعد حالا. - الإنسان إما يكون مؤمنا أو غير مؤمن ولا وسط.
قلت بحدة: لا تكن حادا مثل سكين المطبخ.
فقال مقهقها: أنا لا أعترف بإيمان المثقفين.
أمسكت عنه، إنه ينثر سخطه يمنة ويسرة وينام ملء جفنيه، لكنه أيضا هو كل ما بقي لي في هذا الزمن الأغبر، أين الأصحاب؟ أين الأحباب؟ من حجرتي سمعت أمي وهي تخاطب أم رباب أو بثينة، لا أذكر: لا يجوز أن يرتبط حليم قبل أن يكمل تعليمه.
المنطق سليم ولكنه أحنقني، وخفف من وقعه أن الكلام لا يوجه إلى أم ملك. وقبل ذلك سألتني ملك: متى نعلن خطوبتنا؟
وكان الجواب: جو بيتنا لا يسمح بذلك قبل إتمام الدراسة.
واقتنعت بتسليم، وسلمت أمها بالواقع دون اقتناع. وعلى أي حال تزوجت بثينة ورباب وبيسة في أثناء دراستي الجامعية، ولم تخل نفسي من هزة تودع بها كل عروس ولكنها كانت عابرة واهنة وبلا أثر باق، الزواج أقوى من الحب وسحره خير وأبقى، وسرعان ما تتلاشى أحلام الصبا الوردية مثل رائحة زكية تعبر بها امرأة مسرعة. ولن أنسى ما حييت قول ملك في ساعة تجل: لو تقدم لي أمير لرفضته، ليس لي سواك.
تبدت لي صادقة راسخة أقوى من أي حقيقة في الوجود، كان حبا صادقا عظيما ويا للخسارة! وقد أحرز انتصاره في يوم بهيج لا ينسى.
فمن نافذة سكنها رأتني وأنا أتبادل الإشارات مع بثينة.
وعند أول زيارة لنا مع أمها اقتحمت حجرتي، ثم سألتني في حياء: هل أهنئ؟
Bilinmeyen sayfa